الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الرسوم التي تُحصَّل تغريمًا لمن يحمل وزنًا زائدًا عن القدر المسموح به في القانون، تدخل في مسألة التعزير بالمال، وجمهور أهل العلم على حرمته، ومن أجازه من أهل العلم أجازه في المواضع التي يتحقق فيها بذلك العدل، والصالح العام، لا لمجرد غصب أموال الناس وأكلها بالباطل.
قال الدكتور/ وهبة الزحيلي في كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته): لا يجوز التعزير بأخذ المال في الراجح عند الأئمة؛ لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مال الناس ... ومعنى التعزير بأخذ المال على القول عند من يجيزه: هو إمساك شيء من مال الجاني عنه مدة، لينزجر عما اقترفه، ثم يعيده الحاكم إليه، لا أن يأخذه الحاكم لنفسه، أو لبيت المال، كما يتوهم الظلمة؛ إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعي. قال ابن عابدين: وأرى أن يأخذ الحاكم مال الجاني، فيمسكه عنده، فإن أيس من توبته، يصرفه إلى ما يرى من المصلحة، وأما مصادرة السلطان لأرباب الأموال، فلا تجوز إلا لعمال بيت المال، على أن يردها لبيت المال. اهـ. وراجع للفائدة عن ذلك الفتويين: 38803، 34484.
وهذا الخلاف -الذي أشرنا إليه- إنما يجري في حال تحصيل الرسوم لصالح خزينة الدولة، فيصرف في المصالح العامة. فإذا كان الحال كما ذكر السائل من أن هذه الأموال لا تورد بشكل صحيح لخزينة الدولة، فأخذها من السائقين ظلم بيِّن.
وأما أن يأخذ الموظف هذا المال لنفسه: فهذا حرام بلا ريب، وسحت محض، وأكل للمال بالباطل بلا شبهة.
والله أعلم.