الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته في سؤالك: جزء من صفة صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي رواها أبو حميد الساعدي بحضرة جماعة من الصحابة, وهي موجودة في كثير من كتب الحديث؛ كسنن أبي داود, وسنن ابن ماجه, وصحيح ابن حبان, وموطأ الإمام مالك, وغيرها, وعبارة "ثم يسجد" قد جاءت في منتقى ابن الجارود, وصحيح ابن خزيمة, وغيرهما, ولم نقف على أحد من أهل الحديث قال بشذوذها, وقد وردت تلك الزيادة في صحيح ابن خزيمة, ونص الحديث: عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ... فَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» ، ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ، وَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ"، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ مُجَافِيًا يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ. زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: ثُمَّ يَسْجُدُ. وَقَالُوا جَمِيعًا: قَالُوا: صَدَقْتُ، هَكَذَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي. انتهى.
وقد قال محقق صحيح ابن خزيمة الدكتور/ محمد مصطفى الأعظمي تعليقًا عليه: إسناده صحيح.
وفي سنن ابن ماجه: ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ، وَيُجَافِي بَيْنَ يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَفْتَخُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، ثُمَّ يَسْجُدُ. انتهى. وصححه الشيخ الألباني.
ومعنى ما سألت عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما يسجد لا يضع مرفقيه على جنبيه، وإنما يكون مباعدًا لهما عن الجنبين؛ جاء في مرقاة المفاتيح للشيخ/ نور الدين الملا الهروي: (ثم يقول: "الله أكبر" ثم يهوي)، أي: بعد شروعه في التكبير، أي: ينزل (إلى الأرض ساجدا)، أي: قاصدًا للسجود (فيجافي)، أي: يباعد في سجوده (يديه)، أي: مرفقيه (عن جنبيه). انتهى.
والله أعلم.