الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم المسح الخفين والجوربين وشروط ذلك في الفتوى رقم: 5345.
وأما حكم المسح على الجورب في المذهب الحنفي فهو جائز في الجملة، سواء كان اللبس صيفاً أو شتاء، إلا أنهم اشترطوا في الجورب الذي يصح المسح عليه شروطاً على خلاف بينهم، والمعتمد عندهم فيه ما ذكره صاحب العناية شرح الهداية قائلاً: (المسح على الجوربين على ثلاثة أوجه: في وجه يجوز -أي المسح- بالاتفاق وهو ما إذا كانا ثخينين منعلين، وفي وجه لا يجوز بالاتفاق وهو ألا يكونا ثخينين ولا منعلين، وفي وجه لا يجوز عند أبي حنيفة خلافاً لصاحبيه وهو أن يكونا ثخينين غير منعلين، يقال: جورب مُنَعَّل ومُنْعَل إذا وضع على أسفله جلدة كالنعل للقدم، والمجلد هو الذي وضع الجلد أعلاه وأسفله). انتهى.
وقد نقل عن أبي حنيفة رجوعه عن قوله إلى قول صاحبيه بجواز المسح على الجورب الثخين غير المنعل. قال ابن عابدين في حاشيته: (وعليه الفتوى كذا في الهداية وأكثر الكتب).
ودليل رجوعه ما ذكره الكاساني في بدائع الصنائع قائلاً: (وروي عن أبي حنيفة أنه رجع إلى قولهما في آخر عمره، وذلك أنه مسح على جوربيه في مرضه، ثم قال لِعُوَّاده: فعلت ما كنت أمنع الناس عنه. فاستدلوا به على رجوعه). انتهى
والله أعلم.