الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح أنك مصابة بقدر كبير من الوسوسة، لذا ننصحك أولًا بما ننصح به المصابين بهذا الداء من الإعراض التام عن الوسوسة، وعدم الالتفات إليها، وانظر الفتوى رقم: 51601.
واعلمي أن المبتلى بالوسوسة ليس العفو عنه بسبب جهله، بل لكونه في معنى المكره، فلا يؤاخذ بما يصدر عنه من أقوال، إذا كان إنما حمله عليها الوسواس، وبناء عليه؛ فلا تكفرين بذلك، وراجعي الفتويين التاليتين: 147101، 166453.
وعليك بحفظ لسانك؛ فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت. رواه البخاري، ومسلم.
وإذا كان الأمر لم يتجاوز التخيل، فإنه يعتبر من حديث النفس الذي لا يؤثر ما دام الإنسان لم يتكلم به، ففي الحديث: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
واعلمي أن العلاج الأنجع للوساوس هو: الإعراض الكلي عن التفكير فيها. وإن من لم يثبت كفره بيقين فالأصل بقاؤه على الإسلام، وأنه لا يخرج منه إلا بيقين، وقد ذكر أهل العلم أيضًا: أن من فعل ما يحتمل الردة، وغيرها، لا يكفر بذلك، كما قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وُجِدَ تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم، ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه، فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي، والحاكم. اهـ.
وعليك بالإكثار من قول: "لا إله إلا الله" كلما وقع منك لفظ محظور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله... رواه البخاري معلقًا، ورواه ابن حبان، والبيهقي.
كما ينبغي أيضًا الاستعاذة من الشرك، والاستغفار منه دائمًا بالدعاء الذي أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر -رضي الله عنه-، حيث قال له: والذي نفسي بيده للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قل: اللهم أني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
والله أعلم.