الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن تعذر عليك أداء الصلاة جماعة في المسجد بسبب ما ذكرت من خروج البول، فإنك تثاب -إن شاء الله تعالى- ثواب الجماعة ما دمت حريصًا عليها، ولم تفتك إلا بسبب العذر، ولتحرص على أدائها جماعة في البيت، وقد دلت السنة على أن العبد يؤجر على العمل الصالح الذي اعتاده إذا طرأ له ما يمنعه منه؛ كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. رواه البخاري، وأحمد. قال الحافظ في الفتح -عند شرح هذا الحديث-: قَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِير فِي الْحَلَبِيَّات: مَنْ كَانَتْ عَادَته أَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَة فَتَعَذَّرَ، فَانْفَرَدَ، كُتِبَ لَهُ ثَوَاب الْجَمَاعَة، وَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَة، لَكِنْ أَرَادَ الْجَمَاعَة فَتَعَذَّرَ، فَانْفَرَد،َ يُكْتَب لَهُ ثَوَاب قَصْدِهِ لَا ثَوَاب الْجَمَاعَة ... اهــ، وقال أيضًا: وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ كَانَ يَعْمَل طَاعَة فَمُنِعَ مِنْهَا، وَكَانَتْ نِيَّته لَوْلَا الْمَانِع أَنْ يَدُوم عَلَيْهَا. اهـ.
وفي شرح رياض الصالحين للشيخ العثيمين: فالمُتَمَنِّي للخير، الحريص عليه، إن كان من عادته أنه كان يعمله, ولكنه حبسه عنه حابس, كتب له أجره كاملًا. اهـ.
وإذا علمت أن الخارج ينقطع -ولو في وقت الضرورة- لزمك الانتظار حتى ينقطع، وتتوضأ، وتصلي، لأن صاحب الحدث الدائم إذا علم أن حدثه ينقطع في وقت الضرورة، لزمه الانتظار، وأداء الصلاة فيه، ولا يصلي في وقت الاختيار، جاء في مطالب أولي النهى: وإن اعتيد انقطاع حدث دائم زمنًا يتسع للفعل - أي : الصلاة والطهارة لها - فيه - أي: الزمن - تعين فعل المفروضة فيه، ظاهره: ولو لزم عليه خروج الوقت المختار؛ لأنه قد أمكنه الإتيان بها على وجه لا عذر معه، ولا ضرورة، فتعين كمن لا عذر له... اهــ.
وليس حضور درس أو محاضرة عذرًا في تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة، وانظر الفتوى رقم: 197593 عن الوقت الضروري والاختياري للعصر والعشاء، وفيها ذكر الأعذار التي يجوز معها تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة.
والله تعالى أعلم.