الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقسم عليه هو: فلاح من زكى نفسه وطهرها، وخيبة وخسارة من دسَّى نفسه وحقرها بالمعاصي والآثام، والمعنى: أن الله -سبحانه وتعالى- أقسم على فلاح من طهر نفسه وزكاها، وحقارة وخسارة من أفسدها، ولوثها بالذنوب والمعاصي، أو المعنى: أنه أقسم على فلاح من طهر الله نفسه، وخسارة من حقر الله نفسه؛ جاء في معاني القرآن وإعرابه للزجاج: "(وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) هذا قسم، وجوابه: (قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا...)، ومعناه: لَقَدْ أَفْلَحَ..، ولكن اللام حذفت، لأن الكلامَ طَالَ فصار طوله عوضًا منها".
وجاء في أضواء البيان للشنقيطي: "فِي تِلْكَ الْآيَاتِ الْعَشْرِ: يُقْسِمُ اللَّهُ تَعَالَى سَبْعَ مَرَّاتٍ بِسَبْعِ آيَاتٍ كَوْنِيَّةٍ، هِيَ: الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَاللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالسَّمَاءُ، وَالْأَرْضُ، وَالنَّفْسُ الْبَشَرِيَّةُ، مَعَ حَالَةٍ لِكُلِّ مُقْسَمٍ بِهِ، وَذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ: فَلَاحُ مَنْ زَكَّى تِلْكَ النَّفْس، وَخَيْبَةِ مَنْ دَسَّاهَا".
وقال ابن عطية: "وجواب القسم في قوله قَدْ أَفْلَحَ، التقدير: لقد أفلح، والفاعل بـ «زكى» يحتمل أن يكون الله تعالى، كأنه قال: قد أفلحت الفرقة أو الطائفة التي زكاها الله تعالى، ومَنْ: تقع على جمع وإفراد، ويحتمل أن يكون الفاعل بـ «زكى» الإنسان وعليه تقع مَنْ، كأنه قال: قَدْ أَفْلَحَ من زكى نفسه، أي: اكتسب الزكاء الذي قد خلقه الله، وزَكَّاها معناه: طهرها ونماها بالخيرات، ودَسَّاها معناه: أخفاها وحقرها، أي: وصغر قدرها بالمعاصي، والبخل بما يجب".
والله أعلم.