الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك الإخلاص في القول والعمل، وأن يستعملنا في طاعته، وييسر لنا خدمة دينه ونشر دعوته، إن ربنا سميع مجيب.
وإن كانت هذه الفتاة ذات دين وخلق فمثلها قد حث الشرع على اختيارها زوجة، كما في حديث الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك. وراجع للمزيد الفتوى رقم: 59657.
وبخصوص حالك في الجانب المادي فقد لا يكون عائقا من التقدم لها، فلا يبعد أن ترتضي ووليها القليل، وتيسير أمر الزواج من أسباب بركته، ففي مسند أحمد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة. والدراسة ليست معوقا عن الزواج، فإن لم ترتض ترك الدراسة فلا ينبغي الإعراض عن الزواج منها لهذا السبب، فكثيرا ما تكمل المتزوجة دراستها، بل وترتقي عالي الدرجات في التعليم، فالأمر فيه هين.
وأما الأمور الأخرى من نحو ما ذكرت من تدريسك أحد إخوتها أو صحبتك للآخر، وخشيتك أن يكون هذا كله من أجل الزواج منها، فهذه هواجس لا تلتفت إليها.
وفي نهاية المطاف إذا خشيت أن لا تجاب إلى رغبتك في الزواج منها فابحث عن غيرها، وابحث كذلك عن مجال آخر للعمل غير هذا المقهى، بل لا يجوز لك الاستمرار في العمل فيه إن كان مشتملا على منكرات، ولا يبعد أن يكون وجودك فيه سبب هذا البلاء الذي أنت فيه، نعني ممارسة العادة السرية ومشاهدة الصور الإباحية، فإذا انضم إلى ذلك ضعف الراتب كان بلاء على بلاء. والله تعالى يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق3:2}، وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعز إلا أعطاك الله خيرا منه.
والله أعلم.