الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول الرجل لامرأته: " أنت علي محرمة مثلك مثل أخواتي البنات" ناوياً به الطلاق، مختلف في حكمه، هل هو ظهار أو طلاق؟.
قال ابن قدامة الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وإن قال: أنت علي كظهر أمي حرام، فهو صريح في الظهار، لا ينصرف إلى غيره، سواء نوى الطلاق أو لم ينوه، وليس فيه اختلاف بحمد الله؛ ... وإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي. أو: كأمي. فكذلك. وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الثاني، إذا نوى الطلاق فهو طلاق. المغني لابن قدامة (8/ 9)
فعلى القول بأنّه ظهار فقد كان الواجب عليه أن يكفّر كفارة الظهار قبل أن يعود إلى معاشرتها، وإذا كان عاشرها قبل الكفارة فعليه التوبة إلى الله وعليه الكفارة قبل أن يجامعها، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: فإن وطئ عصى ربه لمخالفة أمره، وتستقر الكفارة في ذمته، فلا تسقط بعد ذلك بموت، ولا طلاق، ولا غيره، وتحريم زوجته عليه باق بحاله، حتى يكفر. هذا قول أكثر أهل العلم." المغني لابن قدامة (8/ 41)
وأما على القول بوقوع الطلاق بهذه العبارة وكان قد سبق أن طلقها مرتين فقد بانت منه بينونة كبرى، وما دمت قد أبلغت أهله وأهل امرأته بالأمر، فالواجب عليهم أن يكلموه في ذلك ويعرضوا المسألة على أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم، وإذا تبين أنّ امرأته قد بانت منه بينونة كبرى ولم يفارقها فعليهم رفع الأمر إلى الحاكم، قال الخرشي المالكي ـ رحمه الله ـ: في شرحه لمختصر خليل (وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه كعتق وطلاق ووقف ورضاع)، يعني أن الحق إذا تمحض لله تعالى, وكان مما يستدام تحريمه فإنه يجب على الشاهد المبادرة بالشهادة إلى الحاكم بحسب الإمكان، كمن علم بعتق عبد, وسيده يستخدمه ويدعي الملكية فيه, وكذلك الأمة، أو علم بطلاق امرأة ومطلقها يعاشرها في الحرام... " شرح مختصر خليل - (7 / 187)
والله أعلم.