الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أنّ الطلاق لا يقع بالكناية ـ ولو كانت ظاهرة ـ من غير نية، قال ابن هبيرة ـ رحمه الله ـ: وَاخْتلفُوا فِي الْكِنَايَات الظَّاهِرَة وَهِي خلية، وبرية، وبائن، وبتة، وبتلة، وحبلك على غاربك، وَأَنت حرَّة وَأَنت الخرج، وأمرك بِيَدِك، واعتدي، والحقي بأهلك، هَل تفْتَقر إِلَى نِيَّة أَو دلَالَة حَال؟ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد وَالشَّافِعِيّ: يفْتَقر إِلَى نِيَّة أَو دلَالَة حَال." اختلاف الأئمة العلماء (2/ 169)
وقال الرحيباني الحنبلي ـ رحمه الله ـ: وَلَا يَقَعُ بِكِنَايَةٍ، وَلَوْ ظَاهِرَةً طَلَاقٌ لِقُصُورِ رُتْبَتِهَا عَنْ الصَّرِيحِ، فَوَقَفَ عَمَلُهَا عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ تَقْوِيَةً لَهَا لِتَلْحَقَهُ فِي الْعَمَلِ، وَلِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ مَعْنَى الطَّلَاقِ؛ فَلَا تَتَعَيَّنُ لَهُ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارَنَةٍ لِلَّفْظِ أَيْ: لِلَّفْظِ الْكِنَايَة. مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (5/ 349)
وعليه فمن قال لزوجته : أنت بائن أو اعتدي من غير نية إيقاع الطلاق لم يقع طلاقه ولو كان لا يعرف لهذه الكلمات معنى غير الطلاق، قال ابن حجر الهيتمي الشافعي ـ رحمه الله ـ: وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائنٌ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْكِنَايَاتِ اشْتُرِطَ نِيَّةُ أَصْلِ الطَّلَاقِ، وَإِيقَاعِهِ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ. تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (8/ 41)، وقال الدمياطي الشافعي ـ رحمه الله ـ: وإما كناية وهي كل لفظ احتمل ظاهره غير الطلاق، ولا تنحصر ألفاظها. وحكمها أنها تحتاج إلى نية إيقاع الطلاق بها. إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين (4/ 11)
والله أعلم.