الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عظم الله تعالى من شأن الرحم، فأمر بصلتها، وحذر من قطيعتها، ورتب على القطيعة الوعيد الشديد، وانظري الفتوى رقم: 145359. فالرحم أهم من أن تترك عرضة لمتاع حياة الدنيا الزائل، والتنافس فيها، قال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {الحديد:20}، فهذه هي الدنيا في حقارتها، وتلك هي الرحم في فضلها وعلو مكانتها، فهل يغتر بالحياة عاقل.
وإن كان حال هذا الأخ وهؤلاء الأعمام مع هذه الفتاة ما ذكر، فلا شك في أنهم قد أساءوا إساءة بالغة بظلمهم لها واعتدائهم عليها، نسأل الله أن يهديهم ويرزقهم رشدهم وصوابهم، ونوصي بالدعاء لهم، والبحث عن عقلاء من الناس ينصحونهم ويذكرونهم بالله وأليم عقابه، وسوء عاقبة الظلم.
وبالنسبة لولاية نكاحها، فقد ذكر أهل العلم شروطا لولي النكاح بيناها في الفتوى رقم: 105204، فمن اختل فيه شرط منها انتقلت الولاية إلى من بعده حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وهو مبين في الفتوى رقم: 63279. فأخوها المختل عقليا لا يصلح وليا، وكذلك أخوها الأكبر، فسب الدين كفر، ولا ولاية للكافر على المسلمة، وتراجع الفتوى رقم: 47738، فإن كان لها من بني إخوتها من هو مستوف لشروط الولاية تولى نكاحها، وإلا انتقلت إلى أحد أعمامها، هذا مع العلم بأن العدالة ليست شرطا في ولاية النكاح على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم: 43004.
وبخصوص الظلم والأذى الذي حصل لها، فإن لم تعف في هذه الدنيا عمن ظلمها فإن الله تعالى يقتص لها يوم القيامة، ولو أنها عفت عنهم كان أعظم لأجرها، وأرفع في درجاتها كما بينا في الفتوى رقم: 27841، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 257425.
والله أعلم.