الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعمل هؤلاء في مكتبك مقابل نسبة من دخله: محل خلاف بين أهل العلم؛ فالجمهور على المنع، وذهب بعض أهل العلم إلى جوازه.
قال في كشاف القناع: .. أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه، أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله، جاز. نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه، جاز. نص عليه، أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم، جاز. انتهى.
وقال ابن سيرين: إذا قال: بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك، فلا بأس به.
وكذلك الجمع بين الراتب والنسبة؛ وردت رواية عن الإمام أحمد تجيز ذلك، وإن لم تكن هي التي عليها أغلب أهل المذهب؛ قال ابن قدامة في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا يبيعها وله نصف ربحها بحق عمله، جاز. نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه, جاز، نص عليه، ولم يجز مالك، وأبو حنيفة, والشافعي شيئا من ذلك، لأنه عوض مجهول وعمل مجهول، وقد ذكرنا وجه جوازه، وإن جعل له مع ذلك دراهم معلومة لم يجز. نص عليه، وعنه الجواز، والصحيح الأول. انتهى.
والقول بالجواز هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى: المساقاة, والمزارعة, والمضاربة, ونحوهن, من المشاركات على ما يحصل، من قال: هي إجارة بالمعنى العام فقد صدق، ومن قال: هي إجارة بالمعنى الخاص فقد أخطأ، وإذا كانت إجارة بالمعنى العام التي هي الجعالة, فهنالك إن كان العوض شيئاً مضموناً من دين أو عين فلا بد أن يكون معلوما، وإن كان العوض مما يحصل من العمل جاز أن يكون جزءا شائعا؛ كما لو قال الأمير في الغزو: من دلنا على حصن كذا فله منه كذا. انتهى.
وعلى هذا؛ فلا بأس بالأخذ بهذا القول, والعمل به؛ لاعتباره, وكون عمل الناس اليوم عليه, لتحفيز العمال, وتشجيعهم على العمل, ولو تُركوا على أمانتهم لربما كسد العمل وضاع. وإن كان الأولى تحديد راتب ثابت خروجًا من الخلاف.
والله أعلم.