الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان العقد يتم دون تلفظ الولي ـ أو وكيله ـ والزوج ـ أو وكيله ـ بالإيجاب والقبول ولكن يكتفى بالكتابة، فالعقد غير صحيح عند أكثر أهل العلم، فإذا أردتم تصحيح العقد فليتلفظ الولي والزوج بالإيجاب والقبول في حضور شاهدين، فإّن القادر على النطق لا يصحّ منه عقد الزواج دون نطق بالإيجاب والقبول، جاء في الفتاوى الهندية (من كتب الحنفية): وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْحَاضِرَيْنِ فَلَوْ كَتَبَ تَزَوَّجْتُكِ فَكَتَبَتْ قَبِلْتُ؛ لَمْ يَنْعَقِدْ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وقال الشيخ الدردير المالكي (رحمه الله): وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ وَلَا الْكِتَابَةُ إلَّا لِضَرُورَةِ خَرَسٍ.
وقال الهيتمي الشافعي (رحمه الله): وَلَا يَنْعَقِدُ بِكِتَابَةٍ فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ. تحفة المحتاج في شرح المنهاج (7/ 223)
وقال المرداوي الحنبلي (رحمه الله): اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، لَا غَيْرُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَيَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا... وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ: يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا، بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كَانَ " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 45)
والله أعلم.