الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرأة إذا طهرت من حيض, وعليها جنابة، أجزأها غسل واحد إذا نوتهما معًا في قول الجمهور، وأما إذا نوت أحدهما, ولم تنو الآخر، ففي المسألة خلاف، فقيل: لا يجزئها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى. وقيل: يجزئها؛ لأنها نوت رفع الحدث.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل - كالحيض والجنابة, أو التقاء الختانين والإنزال - ونواهما بطهارته أجزأه عنهما, قاله أكثر أهل العلم, منهم: عطاء, وأبو الزناد, وربيعة, ومالك, والشافعي, وإسحاق, وأصحاب الرأي. ويروى عن الحسن, والنخعي في الحائض الجنب يغتسل غسلين، وإن نوى أحدها, أو نوت المرأة الحيض دون الجنابة: فهل تجزئه عن الآخر؟ على وجهين: أحدهما: تجزئه عن الآخر؛ لأنه غسل صحيح, نوى به الفرض, فأجزأه, كما لو نوى استباحة الصلاة، والثانية: يجزئه عما نواه دون ما لم ينوه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى بتصرف.
وبناء على ذلك؛ فما قمت به من اغتسال مجزئ عن الحيض, والجنابة ـ على أحد القولين ـ ولو كنت لم تنوي غسل الجنابة, ولك تقليد هذا القول, ولا شيء عليك, وعلى افتراض أنه قول مرجوح، فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 125010 أن الأخذ بالقول المرجوح, والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء.
والله أعلم.