الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجنايتك على يد زوجك ليس فيها دية ولكن فيها حكومة، وهي تعويض عن نقص منفعة اليد، ويجوز الصلح فيه على ما تتفقان عليه، لكن يستحقّ هذا التعويض بعد برء اليد من الجناية لا قبله، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: ولا يكون التقويم إلا بعد برء الجرح؛ لأن أرش الجرح المقدر إنما يستقر بعد برئه، فإن لم تنقصه الجناية شيئا بعد البرء، مثل أن قطع إصبعا أو يدا زائدة، أو قلع لحية امرأة، فلم ينقصه ذلك، بل زاده حسنا،فلا شيء على الجاني؛ لأن الحكومة لأجل جبر النقص، ولا نقص هاهنا، فأشبه ما لو لطم وجهه فلم يؤثر... المغني لابن قدامة (8/ 483)
وأما نفقات العلاج ففي وجوبها على الجاني خلاف بين أهل العلم، والأولى أن يرجع في ذلك إلى المحكمة الشرعية أو ما يقوم مقامها عند فقدها كالمراكز الإسلامية، جاء في مجلة البحوث الإسلامية: وأما الجنايات التي ليس فيها شيء مقدر فلا أرى هناك ما يمنع من الأخذ بما استحسنه بعض المالكية من لزوم تحمل نفقات العلاج فيها مطلقا عملا بالقاعدة الشرعية: الضرر يزال، حيث إن العلاج وسيلة إزالة ضرر الجراحة وقد ألحق الجاني ضرر الجراحة بالمجني عليه فلزمه إزالته بالعلاج، لا سيما وأنها في الغالب ليست خطيرة كخطورة ما فيها شيء مقدر، ومن ثم فإذا برئت الجناية على شين أخذ زيادة على ذلك الحكومة.
وقد رأى بعض المعاصرين أن النفقات التي هي من قبيل تعويض العضو المفقود كتركيب رجل صناعية مثلا هي مشمولة حتما بمبلغ الأرش، ولكن النفقات اللازمة للوصول إلى حالة البرء والتي هدفها اجتناب سراية التلف وتفاقمه يمكن تحميلها كاملا أو بعضا على الجاني، والأفضل ترك ذلك لتقدير المحكمة، وعليه فإن تم الاتفاق بينكما على ما تضمنته الفتوى مما يتعلق بنفقة العلاج فبها ونعمت وإلا فإن ما يترتب على الجناية من حق للمجنى عليه غالبا ما تكون فيه مشاحة بل قد يكون محل نزاع وخصومة؛ لذلك فإن الأولى رفعه للجهات الشرعية المختصة بأمور الجنايات، أما الفتوى فقد لا تكون مجدية في مثل تلك الأمور ولا سيما ما كان فيه اختلاف منها.
والله أعلم.