الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث ونحوه أخاف بعض السلف، منهم أبو هريرة راوي الحديث؛ ففي رواية ابن حبان عن عقبة بن مسلم حدثه أن شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل مسجد المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال من هذا قالوا أبو هريرة قال فدنوت منه حتى قعدت بين يديه، وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا قلت له أنشدك بحقي لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته
فقال أبو هريرة أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكث قليلا ثم أفاق فقال لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول لله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى، فمكث كذلك ثم أفاق فمسح عن وجهه فقال أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معه أحد غيري وغيره ثم نشغ نشغة شديدة ثم مال خارا على وجهه واشتد به طويلا ثم أفاق فقال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ورجل يقتل في سبيل الله ورجل كثير المال.... فأبو هريرة كان يرتعد من هذا الحديث، ولكن هل ترك أبو هريرة التحديث؟ الجواب: هو أكثر الصحابة حديثا، ولكن أفاده الحديث أن يتتبع النية دائما، وينظر في إخلاصه، ويخاف على نفسه، فالمطلوب أن يراقب العبد نيته دائما، لا أن يقعد عن نشر العلم، فنشر العلم مع الإخلاص عبادة جليلة، نقل الذهبي في السير عن عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ أنه قَالَ: أَوْثَقُ عَمَلِي فِي نَفْسِي نَشْرُ الْعِلْمِ، وقال أبو حاتم الرازي: نشر العلم حياته ، والبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة يعتصم به كل مؤمن، ويكون حجة على كل مصر به وملحد. ذكره الخطيب في شرف أصحاب الحديث.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 180719.
والله أعلم.