الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يأخذه الممرض من المرضى والمراجعين مقابل عمله المكلف به يعد سحتا لا يجوز بذله ولا أخذه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 235588.
وأما دفع مبلغ لموظف محطة السفر من أجل الحجز: فهو رشوة محرمة؛ لأن المقصود بها التوصل إلى باطل وهو تقديم الراشي على غيره من طالبي الحجز، وشيوع الرشوة المحرمة بين الناس لا تبيحها، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز دفع شيء من المال إلى الموظف من أجل إنهاء المعاملة التي لديه؛ لأن هذا رشوة محرمة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش، والراشي: دافع الرشوة، والمرتشي آخذ الرشوة، والرائش هو: الوسيط بينهما. اهـ.
هذا هو الأصل، إلا إن كان لطالب الحجز أو معاملة ما حق لكن مُنع منه ظلما، ولم يقدر على الحصول على حقه إلا بدفع مال، فحينئذ لا إثم عليه، والإثم على الموظف الآخذ، قال الخطابي: الراشي المعطي، والمرتشي الآخذ، وإنما يلحقهما العقوبة معا إذا استويا في القصد والإرادة فرشا المعطي لينال به باطلا ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو يدفع عن نفسه ظلما فإنه غير داخل في هذا الوعيد. وروي أن ابن مسعود أخذ في شيء وهو بأرض الحبشة فأعطى دينارين حتى خلي سبيله، وروي عن الحسن والشعبي وجابر بن زيد وعطاء أنهم قالوا لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم، وكذلك الآخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه إما على حق يلزمه أداؤه فلا يفعل ذلك حتى يرشى أو عمل باطل يجب عليه تركه فلا يتركه حتى يصانع ويرشى. اهـ. من معالم السنن. وراجع الفتوى رقم: 46007.
وأما قول: الله أعلم عقب نقل الفتوى، أو مسألة من مسائل العلم فليس بواجب، لكنه حسن من باب الأدب، ورد العلم إلى الله، وقد أخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : من علم علما فليقل به، ومن لا يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم.
والله أعلم.