الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على القيام بمصالح زوجك، وخدمة أهله ووالديه، ونسأله أن يديم بينكم المودة ويجنبكم الشيطان ونزغاته، وكيده وشره، إن ربنا على كل شيء قدير.
والشارع الحكيم قد شرع للزوج هجر زوجته حال نشوزها، وهذا الهجر له كيفيته المعينة والتي قد بيناها في الفتويين التالية أرقامهما: 103280 - 62239، والهجر في غير حال النشوز ولأدنى سبب يتنافى مع ما جاء به الشرع، ومحبة الزوج لزوجته يقتضي أن يتغاضى عن الزلات ويعفو عن الهفوات، فالحياة الزوجية السعيدة أكبر من أن تكدر بالوقوف مع الزوجة في كل صغيرة وكبيرة، ومحاسبتها عليها، وكيف يهجر من تقوم بخدمته وخدمة والديه، فإن هذا دليل على كريم خلقها وحسن معشرها؛ لأنها لا يجب عليها شرعا خدمة والديه كما هو مبين في الفتوى رقم 33290.
وللأزواج أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه مع زوجاته، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {الأحزاب:21}، ويمكن الاطلاع على بعض النماذج من حياته في بيته ومع أهله في الفتوى رقم: 27182، فابذلي لزوجك النصح في ضوء ما ذكرنا، وأكثري من الدعاء وتحري الأوقات المناسبة لذلك، فإن الدعاء سلاح المؤمن. قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}،
وننبه إلى أنه لا يجوز للزوج أن يطيل هجر زوجته، ولو كان لنشوزها ، فقد حده بعض أهل العلم عند النشوز بشهر، لا يزيد عليه، وحده آخرون بثلاثة أيام كما في الفتوى رقم: 26794، فإذا كان هذا عند نشوزها فأولى إن كان لغير نشوز، وهنالك خلاف بين الفقهاء فيمن ترك وطء زوجته لأربعة أشهر فأكثر ـ من غير حلف ـ هل يكون موليا أم لا، وسبق بيان أقوال الفقهاء في ذلك في الفتوى رقم: 136171.
والله أعلم.