الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن الاختلاط بالمعنى المعهود في المدارس والجامعات يعتبر من المنكرات، وذكرنا أن الأصل: أنه لا يجوز الحضور إلى هذه الأماكن، ولا الدراسة فيها إلا إذا تعينت سبيلًا لتحصيل العلم، ولا يوجد غيرها، فحينئذ تجوز الدراسة مع التزام الدارس بآداب الشريعة من غض البصر، وترك الخلوة، ونحو ذلك، ولا يمكن القول بتحريم الدراسة في تلك الأماكن بإطلاق؛ لأن هذا فيه من المشقة على العباد ما لا يخفى، ويترتب عليه أن تترك الأمةُ تحصيلَ العلوم الدنيوية التي تعتبر من فروض الكفايات، كما أن القول بتحريم كسب التدريس فيها لا نرى أنه صواب؛ لأن الكسب إنما هو مقابل تدريس العلم، وليس مقابل الاختلاط.
والذي يمكننا قوله لك هو: أنك إن تمكنت من إتمام دراستك في جامعة غير مختلطة تعين هذا عليك، وإن لم تجد جاز لك الدراسة في الجامعة المختلطة في التخصص الذي ترى أنك تقدر على التحصيل فيه مع وجوب غض البصر، وترك الخلوة، والبعدِ عن الاختلاط بالنساء بقدر المستطاع، وإن انتقلت من شعبة الفيزياء إلى علم آخر تبلي فيه بلاء حسنًا مراعاة لقلة الاختلاط، فهذا جيد، ولا نرى أنه واجب عليك ما دام أنك ستخسر ثلاث سنين من الدراسة، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وانظر الفتوى رقم: 252736 عن المدارس المختلطة وحاجة التعلم.. المشكلة والحل، والفتوى رقم: 5310 عن حكم الدراسة في الأماكن المختلطة إن انضبطت بالضوابط الشرعية، والفتوى رقم: 214858 عن حكم عمل وراتب المعلم في مدارس مختلطة.
والله تعالى أعلم.