الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الشخص يعني بقوله: "الله لنا" اختصاص المسلمين بعون الله لهم، وولايته لهم، فلا حرج فيها، ولكن الأولى أن يقال: الله مولانا أو: الله معنا أو: الله ربنا؛ فقد قال الله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة:40}، وقال تعالى: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ {الشورى:15}، وفي صحيح البخاري (4/ 65): عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- يحدث قال: جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- على الرجالة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير، فقال: «إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم، هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم»، فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي: قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم [ص:66] فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: والله لنأتين الناس، فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي -صلى الله عليه وسلم- غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرات، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ ثلاث مرات، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء، فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه، فقال: كذبت والله يا عدو الله، إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوءك، قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة، لم آمر بها ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: أعل هبل، أعل هبل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ألا تجيبوا له» ، قالوا: يا رسول الله، ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجل"، قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ألا تجيبوا له؟»، قال: قالوا: يا رسول الله، ما نقول؟ قال: «قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم» اهـ.
وأما قول الشخص: "ما لي رب" فلا يمكن حمل "ما" فيه إلا على النفي، وإن نفي ربوبية الله تعالي كفر؛ فقد قال السبكي: التكفير حكم شرعي، سببه: جحد الربوبية أو الوحدانية أو الرسالة أو قول أو فعل حكم الشارع بأنه كفر وإن لم يكن جحدا. اهـ.
فعلى هذا القائل أن يبادر إلى التوبة.
والله أعلم.