الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا المراقب قد خان شركته وغشها؛ لأنه وكيل أو بمثابة وكيل عن الشركة في إحضار عروض الأسعار إليها، والوكيل أمين على ما وكل فيه، ويجب عليه أن يتصرف بالأحظ لموكله، وانظر للفائدة فتوانا رقم: 168885، وما أحيل عليه فيها.
وأما بخصوص اعتمادك السعر الزائد، فقد كان الواجب عليك ترك ذلك؛ لمخالفته النصيحة المطلوبة شرعا ولو لغير المسلم.
جاء في الموسوعة الفقهية : ذهب الفقهاء إلى أن النصيحة تجب للمسلمين، قال ابن حجر الهيتمي : يتأكد وجوبها لخاصة المسلمين وعامتهم، وقال الراغب الأصفهاني: عظم النبي صلى الله عليه وسلم أمر النصح فقال: الدين النصيحة، فبين عليه الصلاة والسلام أن النصح واجب لكافة الناس بأن تتحرى مصلحتهم في جميع أمورهم.
وقال المالكية: النصيحة فرض عين سواء طلبت أو لم تطلب إذا ظن الإفادة؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف، ونقل النووي عن ابن بطال أن النصيحة فرض كفاية يجزئ فيه من قام به ويسقط عن الباقين.
وهي لازمة على قدر الحاجة أو الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه...." إلخ.
وفيها أيضا: "ذهب الحنابلة إلى أنه لا يجب على المسلم أن ينصح الكافر أو الذمي لحديث: الدين النصيحة ؟ قلنا : لمن يا رسول الله، قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، وإلحاق غير المسلم بالمسلم يصح إذا كان مثله، وليس الذمي كالمسلم، ولا حرمته كحرمة المسلم.
وقال ابن حجر العسقلاني: التقييد بالمسلم ـ أي في حديث جرير ـ رضي الله تعالى عنه ـ وفيه: (فشرط علي النصح لكل مسلم) للأغلب، وإلا فالنصح للكافر معتبر، بأن يدعى إلى الإسلام، ويشار عليه بالصواب إذا استشار.
وعلى ذلك فعليك أن تنصح لمدير الشركة بأن تعلمه بزيادة السعر، فإن طابت نفسه بالتعاقد عليه، جاز لك الاستفادة من تلك الزيادة، وإلا فلا، وحينئذ يجب عليك ردها إليه.
وما فعلته من جعل التعامل بينك وبين مدير المشروع مباشرة هو الصواب؛ منعا للمراقب من أخذه ما لا يستحقه ونحو ذلك من التصرفات المحرمة.
والله أعلم.