الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نقل بأن التسخط القلبي كفر بإطلاق، وإنما قلنا أن له مراتب، منها ما يصل إلى الكفر، كما بيناه في الفتوى رقم: 133564.
وأما خواطر السخط التي تمر على قلب العبد، ولا تستقر فيه، فلا يؤاخذ عليها العبد، بل يرجى أن يثاب على مجاهدتها ومدافعتها، قال الإمام ابن رجب: فهل يعاقب على ما هم به من المعصية، أم لا؟ هذا على قسمين: أحدهما: أن يكون الهم بالمعصية خاطرا خطر، ولم يساكنه صاحبه، ولم يعقد قلبه عليه، بل كرهه، ونفر منه، فهو معفو عنه، وهو «كالوساوس الرديئة التي سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: ذاك صريح الإيمان»، ولما نزل قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} [البقرة: 284]، شق ذلك على المسلمين، وظنوا دخول هذه الخواطر فيه، فنزلت الآية التي بعدها، وفيها قوله: {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} [البقرة: 286] فبينت أن ما لا طاقة لهم به، فهو غير مؤاخذ به، ولا مكلف به، وقد سمى ابن عباس وغيره ذلك نسخا، ومرادهم أن هذه الآية أزالت الإبهام الواقع في النفوس من الآية الأولى، وبينت أن المراد بالآية الأولى العزائم المصمم عليها، ومثل هذا كان السلف يسمونه نسخا. اهـ. من جامع العلوم والحكم .
والله أعلم.