الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يحلف بالحرام، ولا بالطلاق, ولا بغير ذلك مما سوى أسماء الله وصفاته، وإذا أراد أن يحلف فليحلف بالله تعالى أو ليترك، فقد روى البخاري، ومسلم: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت.
فتحريم الحلال لا يحرم به شيء سوى الزوجة -أي: إذا قال الزوج لزوجته: أنت علي حرام- على تفصيل انظره في الفتوى رقم: 155479.
وأما إن كان الحلف بالحرام على غير الزوجة: فقد اختُلف في وجوب الكفارة من عدمها، والراجح: وجوبها؛ لأن الله تعالى سمى التحريم: يمينًا، حيث قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ.. [التحريم:1-2].
قال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: ( مَنْ حَرَّمَ حَلالا سِوَى زَوْجَتِهِ مِنْ طَعَامٍ ) كَثَوْبٍ وَفِرَاشٍ ( كَقَوْلِهِ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَلا زَوْجَةَ لَهُ ) كَقَوْلِهِ: كَسْبُهُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ( أَوْ طَعَامُهُ عَلَيْهِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ) أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، لَمْ يَحْرُمْ, وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ, وَأَمَّا تَحْرِيمُ زَوْجَتِهِ: فَظِهَارٌ, وَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ ( أَوْ عَلَّقَ ), أَيْ: تَحْرِيمَ حَلالٍ سِوَى زَوْجَتِهِ ( بِشَرْطٍ ) كَقَوْلِهِ عِنْدَ طَعَامٍ ( إنْ أَكَلْتُهُ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ لَمْ يَحْرُمْ ); لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } إلَى قَوْلِهِ: { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ }، وَالْيَمِينُ عَلَى الشَّيْءِ لا تُحَرِّمُهُ, وَلأَنَّهُ لَوْ حَرَّمَ بِذَلِكَ لَتَقَدَّمَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ كَالظِّهَارِ, وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِفِعْلِهِ، وَسَمَّاهُ: خَيْرًا ( وَعَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ كَفَّارَةٌ ) نَصًّا لِلآيَةِ. انتهى.
فتلزمك كفارة يمين إذا أعدت محاولة إنجاز ذلك الأمر الذي علقت عليه التحريم.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 54951، 20278، 26595.
والله أعلم.