الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: ما كان ينبغي لك أن تشرعي في الصلاة في مثل ذلك المكان، وقد ورد النهي عن الصلاة في قارعة الطريق؛ كما في سنن الترمذي بسند فيه ضعف من حديث عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ ـ وذكر منها ـ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ ... اهــ .
قال في تحفة الأحوذي : وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا لِاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِمُرُورِ النَّاسِ وَتَضْيِيقِ الْمَكَانِ عَلَيْهِمْ ... اهــ .
بل ذهب بعض الفقهاء إلى عدم صحة الصلاة استدلالا بهذا الحديث؛ كما في كشاف القناع عن ذكره للأماكن التي لا تصح الصلاة فيها: وَلَا فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ أَيْ مَحَلِّ قَرْعِ الْأَقْدَامِ مِنْ الطَّرِيقِ ... لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ... اهــ
وعلى هذا القول تقطع الصلاة؛ لأنها لا تصح، وأما على القول بصحة الصلاة مع الكراهة فقد اختلف الفقهاء في جواز قطع الفريضة لأجل حصول ما يشوش على المصلي ويُذهب خشوعه، فمنهم من قال لا تقطع الفريضة لذلك، جاء في إعانة الطالبين من كتب الشافعية عن صلاة من يدافعه الأخبثان: وحدوثها في الفرض لا يجوز قطعه.. ومثلها: مدافعة كل خارج من الجوف كغلبة القيء ودم القروح وكل مشوش للخشوع... اهــ
ومنهم من يرى قطع الفرض عند حصول ما يفوت الخشوع؛ كما قال في تحفة المحتاج: وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ قَطْعَهُ لِمُجَرَّدِ فَوْتِ الْخُشُوعِ بِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ... اهــ
ونرجو أن لا إثم عليك -إن شاء الله تعالى- واجتهدي مستقبلا في أن تصلي في مكان لا يُقْطع عليك فيه خشوعك.
والله تعالى أعلم.