الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على زوجها أن يحسن عشرتها كما أمره ربه بذلك في كتابه، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 77239. وليس غريبًا أن يحدث شيء من الخلاف بين الزوجين، وأما أن يصل الأمر إلى حد الاعتداء والظلم، فهذا أمر مشين.
ومن الحكمة: المصير إلى الصلح، قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}.
وإذا كانت المرأة لا تزال في عدتها من الطلاق الرجعي فللزوج الحق في رجعتها، ولا يشترط في ذلك رضاها بالرجعة، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة:228}، وليس للولي الامتناع أو أن يشترط شروطًا، ولو شرطها فإنها لا تلزم الزوج، قال ابن قدامة في المغني: فإن شرط الحكمان شرطا أو شرطه الزوجان لم يلزم، مثل: أن يشترطا ترك بعض النفقة، والقسم، لم يلزم الوفاء به؛ لأنه إذا لم يلزم برضا الموكلين فبرضا الوكيلين أولى... اهـ. ولها المطالبة بحقها من الذهب متى شاءت، ولكن لا يجوز أن يجعل ذلك شرطًا للرجوع. وهو -على كل حال- ليس له أن يضربها عدوانًا وظلمًا، أو أن يسبها ويهينها.
وإذا انقضت العدة فقد بانت من زوجها، فلا بد في الرجعة من عقد جديد، وللزوجة حينئذ أو لوليها الحق في أن تشترط من الشروط ما لا ينافي مقتضى العقد، ويجب على الزوج الوفاء به. وتراجع الفتوى رقم: 59904، وهي عن الشروط في النكاح. وإذا رأت الزوجة الموافقة على الرجوع لزوجها مراعاة لمصلحة ولدها وعيشه بين أبويه، فقد أحسنت في ذلك، فحملها على نفسها من أجل ولدها مما تحمد عليه ولا تذم.
والله أعلم.