الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت صنعا بمحاولتك السير على درب الاستقامة والمحافظة على الصلاة وحفظ القرآن، وترك سماع الغناء، نسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا، ويزيدك هدى وتقى وصلاحا، وأن ييسر لك زوجا صالحا تسعدين معه، وترزقين الذرية الطيبة التي تقر بها عينك، ونوصيك بكثرة الدعاء والالتجاء إلى الرب سبحانه في كل ما تبتغين، فالدعاء من أفضل ما يحقق به المسلم مبتغاه، ومن التجأ إلى الله آواه، وما خاب من رجاه.
وأما الشات، ومحادثة الشباب من خلاله، ولو لم يكن بكلام يخالف الشرع، فشر وبلاء، وباب إلى الوقوع فيما حرم الله تعالى، والشريعة قد جاءت بسد الذرائع، ومنع كل ما يؤدي إلى الفتنة والفساد، ومن ذلك المحادثة بين الأجنبيين لغير حاجة. فأنت في نعمة بتلك الطاعات التي تطهر بها النفس، ويستنير بها القلب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الحديد:28}، فلا تدنسي نفسك، أو تطفئي نور الإيمان في قلبك، فتخسرين وتندمين، قال الله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا {الشمس10:9}، فاتقي الله واصبري، تجدين خير ذلك في الدنيا والآخرة، قال الله عز وجل: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.
وتبرير هذه المحادثات بواقع علاقتك مع أسرتك من تسويل الشيطان، وما الذي يدعوك لأن تكون هذه المحادثات مع الشباب لا الشابات، فاتخذي في هذا السبيل بعض الصديقات ومن تعرفين من الصالحات لقضاء بعض الوقت معهن، ولا تسرفي، بل اقتصدي، وانصرفي إلى ما ينفعك من أمور معاشك ومعادك.
وأما ما ذكرت من تفريق أبيك وأمك في المعاملة بينكم، فهذا أمر سيء، فقد كان السلف يحبون العدل بين الأولاد في كل شيء حتى الأمور العاطفية والقبلات؛ كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 97569، ولكن اجتهدي في أن تهوني الأمر على نفسك، وأكثري من الدعاء لهما بالهداية والرشد، فحق الوالد في البر باق وإن صدرت منه إساءة لولده، وانظري الفتوى رقم: 135582.
والله أعلم.