الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم أن يحفظ لسانه عما حرم الله تعالى من السب والشتم واللعن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء. رواه
الترمذي. ثم إن الشتم والسب إذا كان لدين الله تعالى، فإن هذا كفر مخرج من الملة، فإذا وقع من مسلم، فقد ارتد عن دينه -والعياذ بالله- فعليه أن يستغفر الله تعالى، ويتوب إليه، ويتلفظ بالشهادتين، ومن تاب تاب الله عليه.
وعليه كذلك أن يجدد عقد زواجه إذا كان متزوجاً، لأن عقد النكاح ينفسخ بارتداد أحد الزوجين.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل لهذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
133.
وأما سب المسلم، فإنه حرام على العموم، فقد نهى الشرع عن ذلك كله، وعن أذية المسلم عموماً، فقال تعالى:
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [الأحزاب:58].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. متفق عليه.
قال
النووي: فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما من وقع عليه الخطأ، فينبغي له أن يصبر ويعفو، ويقابل السيئة بالحسنة، قال تعالى:
وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى . وقال تعالى:
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وقال تعالى:
فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
ولا ينبغي للمسلم أن يحمل في قلبه الحقد والكراهية لأخيه المسلم، فكل ابن آدم خطاء، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الهجر والتقاطع بين المسلمين، فقال:
لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.. رواه
البخاري ومسلم. وفي رواية لهما:
يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. وعلى هذا، فلا يجوز لك أن تقاطع أحداً من إخوانك المسلمين هذه المدة الطويلة، وأحرى إذا كان من الأقارب وذوي الأرحام، فإن قطيعة ذوي الإرحام أشد تحريما، قال تعالى:
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].
فعليك أن تكسر حاجز المقاطعة، وتكون خير المتقاطِعَيْن، وهو الذي يبدأ بالسلام والصلح، قال تعالى:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10].
وكل ما سبق في فضيلة العفو والصفح والحث عليه هو في حق من كانت الاساءة إلى ذاته.
أما إن كانت الاساءة إلى الدين أو إلى الرب جل وعلا، فيجب عليه أن ينكر المنكر بيده، فإن عجز فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والحاصل: أن المسلم لا ينبغي له أن يكون سباباً، ولا شتاماً، ولا لعاناً، وأن سب الدين كفر مخرج من الملة، وأنه ينبغي للمسلم أن يعفو ويصفح ويتجاوز عمن اساء إليه.
والله أعلم.