الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يشرح صدرك، وأن يعافيك من شر الوسوسة، وشر الشيطان وشركه.
واعلم أن الدواء الناجع في علاج الوسوسة هو: الإعراض عن الوساوس، وعدم الالتفات إليها مهما عظمت أو كثرت، فإنها من الشيطان يريد أن يصد بها العبد عما فيه مصلحته، وقد أخطأت حين مكنت الشيطان من نفسك ليبذر فيها بذور الشر، فإنه لا يجوز للمسلم الذي لم يتسلح بالعلم الشرعي أن يدخل على مثل هذه المواقع؛ لئلا تنطلي عليه شبهات وأوهام أهل الضلال، بل يجب على المسلم أن يفرغ وقته، ويستخدم ذكاءه وطاقته في طلب العلم الشرعي، ثم إن حرصك على إقناع نفسك، ودوامك للاستغفار، وخوفك من الوقوع في الكفر، دليل على أن ما تشكو منه إنما هو وسوسة، وليست شكًّا مخرجًا من الملة، وقد سبق لنا بيان الفرق بين الشك المؤدي للكفر وبين الوسوسة التي تدل على صريح الإيمان، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 128213، 7950، 120582، 237892.
كما سبق لنا التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 60628، 2081، 78372، 51601.
ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان سيد المتواضعين، كما علم من سيرته، وقد خيره الله أن يكون ملكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا، فاختار أن يكون عبدًّا نبيًّا، وكان يقول: اللهم أحيني مسكينًا، وتوفني مسكينًا -صلى الله عليه وسلم-. فحديثه عن نفسه بشيء من فضائله ليس حديث فخر أو مباهاة، إنما هو تبليغ للوحي، وإخبار بفضل الله ونعمته عليه؛ لتنتفع الأمة بذلك، وتزداد له اتباعًا وانقيادًا.
والله أعلم.