الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإفرازات التي ذكرتِ لا يلزم منها الغسل، ولا تعتبر منيًّا إن كانت تخرج بغير دفق ولا تلذذ، وكانت لا لون لها، ولا صفرة، ولا بياض، وإنما هي مجرد بلل، ولكن ينتقض بها الوضوء، سواء كانت مذيًا أو مجرد إفرازات عادية. وأما المتميزة باللون الأصفر فتعتبر منيًّا إن خرجت بدفق. وأما رطوبة الفرج العادية فلا تخرج بدفق حسب العادة، ومثلها المذي، كما قال الإمام النووي في المجموع: والمذي: ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة، لا بشهوة، ولا دفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة، وهو في النساء أكثر منه في الرجال. انتهى.
ثم إن الغالب في مني المرأة أن يكون رقيقًا أصفر، وله خاصيتان يعرف بهما، ويمتاز بهما عن المذي، فإذا وجدت إحداهما تبين أن هذا الخارج مني، وهما: رائحته المشبهة لرائحة طلع النخل أو رائحة العجين، والثانية: خروجه بشهوة، أي: تحصل لذة عند خروجه، وفتور الشهوة بعد خروجه، والفتور يختلف عن التوتر لأنه يعني به انكسار الشهوة، والاسترخاء بعد خروج المني؛ فقد جاء في نهاية المطلب في دراية المذهب (1/ 146):
فأما المرأة إن تحقق خروجُ المني منها، ولا يتصوّر الإحاطةُ بذلك إلا بفتور شهوتها، ولا شك أن شهواتِهنّ عند انقضاء الوطر تَفْتُر. فإن علمت ذلك من خروج الخارج، فهو منيّها، ولزمها الغُسل كالرجل. اهـ.
وقال النووي -رحمه الله- في شرحه على صحيح مسلم: وأما مني المرأة: فهو أصفر رقيق، وقد يَبْيضّ لفَضْل قُوَّتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما: إحداهما: أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه، وفتور قوتها عقب خروجه. انتهى.
وقال رحمه الله عقب ذكر صفات مني الرجل: وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيا، ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيا، وغلب على الظن كونه ليس منيا. اهـ.
وإذا شككت في الخارج منك هل هو مني أو مذي؟ ولم تستطيعي التمييز بالرائحة أو الفتور: فإنك تتخيرين بينهما، وهذا هو مذهب الشافعي، وهو أرفق بالموسوس، قال الخطيب الشربيني في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع: فإن احتمل كون الخارج منيا أو غيره كودي أو مذي، تخير بينهما على المعتمد. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 131658، والفتوى رقم: 128091، والفتوى رقم: 110928، والفتوى رقم: 158767.
والله أعلم.