الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يرزقك علو الهمة، والتفوق في الخيرات.
والاجتهادُ في الدراسة بنية صالحة عبادة، يُثاب عليها المؤمن؛ كما بينا بالفتويين: 188951، 122837.
والتزام المواعيد من صفات المؤمن، وخلفها من صفات المنافقين، وبالتالي؛ فلا بأس عليك في منافسة غيرك في ذلك، بل هذه منزلة عظيمة، وهي التنافس في الخير، وفيما يقرب إلى الله تعالى، قال النووي في رياض الصالحين: باب التنافس في أمور الآخرة ...... قَالَ الله تَعَالَى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26].
وقال الحسن -رحمه الله-: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.
ومع هذا؛ فالأولى والأكمل: أن يخلو القلب من المقارنة، والمنافسة مع الغير، فتكون الحركة للعمل لوجه الله خالصة، لا يشوبها منافسة أحد فهذه حال الكُمَّل، كما بينا بالفتوى رقم: 245452.
وعلى هذا؛ فأجرك باق -إن شاء الله-، والأكمل لك ما ذكرنا.
ومن بركات المسلك الذي ذكرناه: إخفاء الأعمال، وهو الأصل في النوافل؛ قال ابن العربي في أحكام القرآن: الأصل في الأعمال الفرضية: الجهر، والأصل في الأعمال النفلية: السر، وذلك لما يتطرق إلى النفل من الرياء والتظاهر بها في الدنيا، والتفاخر على الأصحاب بالأعمال، وجبلت قلوب الخلق بالميل إلى أهل الطاعة. اهـ.
وهو أعون على الإخلاص -الذي سألت عن طريق تحصيله-، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل. رواه الخطيب في تاريخه، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وصححه الألباني.
قال الخريبي: كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح، لا تعلم به زوجته ولا غيرها.
وراجعي أيضًا في تحصيل الإخلاص الفتوى رقم: 52210.
وأنتِ أدرى بنفسك، وقد يكون المفضول في حقك أنفع من الفاضل، ولكن اجتهدي أن يكون لك شيء -ولو يسيرًا- من عمل السر.
وفي الجملة: فلك الأجر -إن شاء الله-، ولكن قطع المنافسة وإفراد العمل لله أكمل، وأدعى للإخلاص، كما ذكرنا لك.
والله أعلم.