الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك، وأن يزيدك رغبة في الخير، ولا شك في أن العلوم الشرعية هي أفضل العلوم، وأعظمها، وأحبها إلى الله، لكن أيضًا العلوم الدنيوية التي تحتاجها الأمة كالهندسة ونحوها، هي من فروض الكفايات، يؤجر المرء على تعلمها إذا أحسن فيه النية. وانظري الفتوى رقم: 52486.
وأما بالنسبة للمرأة: فبعض أنواع الهندسة العمل فيها غير لائق بالمرأة، ويكتنفها الاختلاط ونحوه من المحاذير الشرعية، فإن كان تخصصك من هذا النوع من الهندسة فنوصيك بالتوقف عن دراسته، والسعي في إقناع والدتك بتركه، لما قد يكتنفه من المحاذير، وراجعي في هذا الفتويين التالية أرقامهما: 53469، 271972.
وأما إن كانت الهندسة التي تدرسينها لائقة بالمرأة، والعمل فيها سالم من المحاذير الشرعية: فنوصيك بلزوم رغبة والدتك، والسعي في إرضائها بالاستمرار في تخصصك هذا، والعلم الشرعي ليس محصورًا في الدراسة الجامعية، فيمكنك تحصيل العلم الشرعي بوسائل أخرى متعددة بالقراءة في كتب العلم، وحضور حلق العلم، وسماع الدروس العلمية. وإذا صدقت رغبتك في العلم الشرعي، ومضيت في دراستك الهندسة التماسًا لرضا والدتك، فيرجى أن يكتب الله لك أجر نيتك، ويفتح عليك في العلم الشرعي. وانظري الفتوى رقم: 68624.
وثم إشكال آخر أشرت إليه في سؤالك، وهو: دخولك للجامعة بتبرع من شخص، وقد يكون تبرعه مشروطًا بمواصلة الدراسة، ففي تلك الحال: إن لم تستمري في دراسة الهندسة، فللمتبرع الحق في استرجاع الهبة؛ قال ابن عابدين الحنفي: امرأة تركت مهرها للزوج على أن يحج بها، فلم يحج بها، قال محمد بن مقاتل: إنها تعود بمهرها؛ لأن الرضا بالهبة كان بشرط العوض، فإذا انعدم العوض انعدم الرضا، والهبة لا تصح بدون الرضا. اهـ.
فلا يلزمك الاستمرار بدراسة الهندسة من هذه الجهة، بل إما أن تستمري فيها، وإما أن تخبري المتبرع وترجعي له المبالغ إن طلبها. وراجعي في هذا الفتوى رقم: 113431.
والله أعلم.