الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على تحريك للحلال، وحذرك من الحرام.
وأما ما سألت عنه: فجوابه: أن مجرد الشك لا اعتبار له، ولا حرج عليك في الانتفاع بما اشتريته من صاحبك أو ما كسبته من ربح من وراء ذلك، وننبهك على أنه لا يلزم عند التعامل مع الغير بالبيع أو الشراء أو الهبة ونحو ذلك البحث والتفتيش عن مصدر ماله، بل يُبنى الأمر على الأصل، وهو: حل المال، وأن ما بيد المرء ملك له إذا ادعى ملكيته؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانته أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرًا بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض؛ فإن هذا عين مال ذلك المظلوم، وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكًا له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلًا بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفًا بأن في ماله حرامًا ترك معاملته ورعًا، وإن كان أكثر ماله حرامًا ففيه نزاع بين العلماء، وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلًا، ومن ترك معاملته ورعًا كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ. بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.
وبقدر حيطتك وحذرك من الحرام فإنه لا بد من الحذر من التنطع في الدين، والبعد عن الوساوس، وما يجلبها أو يكون سببًا في تمكنها.
والله أعلم.