الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحرم عليك تبرئتك نفسك بما فيه نسبة هذه الخبائث للشخص الغائب وبهته واتهامه بما هو براء منه، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، قال ابن كثير: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ـ أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه. اهـ.
وقد جاء الوعيد على هذا المنكر فيما أخرج أحمد عن ابن عمر أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، سقاه الله من ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج، وردغة الخبال عصارة أهل النار. والحديث صححه الألباني.
فعلى من وقع في ذلك أن يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل، وأن يتحلل ممن بهته، إن لم يؤد ذلك لضرر أعظم، فالبهتان والنيل من العرض من الذنوب المتعلقة بحقوق الخلق، والتي يشترط في التوبة منها التحلل منهم، ففي الحديث عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
فالنيل من العرض بهذه الطريقة ملحق بالقذف، وهو ظلم واعتداء تجب التوبة منه، ولكن هل من شرطها تكذيب المرء نفسه أم لا ؟ وهل من شرطها أيضا إعلام المظلوم بالظلم إن كان لا يعلمه؟ قال شيخ الإسلام ـ رضي الله عنه ـ: كل مظلمة في العرض من اغتياب صادق وبهت كاذب فهو في معنى القذف, إذ القذف قد يكون صادقا فيكون غيبة, وقد يكون كاذبا فيكون بهتا, واختار أصحابنا أنه لا يعلمه بل يدعو له دعاء يكون إحسانا إليه في مقابلة مظلمته، وهذا عام فيمن طعن على شخص أو لعنه أو تكلم بما يؤذيه أمرا أو خبرا بطريق الاقتداء أو التحضيض أو غير ذلك, فإن أعمال اللسان أعظم من أعمال اليد حيا أو ميتا, حتى ولو كان ذلك بتأويل أو شبهة ثم بان له الخطأ, فإن كفارة ذلك أن يقابل الإساءة إليه بالإحسان بالشهادة له بما فيه من الخير والشفاعة له بالدعاء, فيكون الثناء والدعاء بدل الطعن واللعن...
مطلب : هل يجب على القاذف الاعتراف بما فعل إذا سأله المقذوف أم لا؟ قال: وهذا باب نافع جدا، فعلى هذا لو سأل المقذوف والمسبوب لقاذفه هل فعل ذلك أم لا؟ لم يجب عليه الاعتراف على الصحيح من الروايتين , إذ توبته صحت في حق الله تعالى بالندم, وفي حق الإنسان بالإحسان إليه بالاستغفار ونحوه .... انتهى
وكما هو واضح فلا يلزم من تكذيبك نفسك أمام من تخشى عاقبة إخباره بالحقيقة تحقق ما تخشاه؛ لأن المطلوب هنا هو تبرئة الشخص المقذوف، وهي حاصلة بتراجعك عن نسبة الأفلام إليه، والتأكيد على أن نسبتها له كذب وافتراء، ولا يلزم على هذا أن تعترف أنت بأنك صاحب الأفلام.
والخلاصة أنه يجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من اقتناء أو مشاهدة تلك الأفلام، كما يجب أن تتوب من اعتدائك على عرض أخيك المسلم دون أن تعترف أنت بارتكاب المحرمات وتقر على نفسك بذلك .
والله أعلم.