الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الترتيب بين الحاضرة والمقضية فهو واجب عند أكثر العلماء، واختلف الموجبون له فيما لو خشي فوت الحاضرة هل يسقط الترتيب في هذه الحال أو لا؟ ومذهب الأكثر أنه يسقط والحال هذه، قال الموفق ـ رحمه الله ـ في المغني: إذا خشي فوات الوقت قبل قضاء الفائتة وإعادة التي هو فِيهَا، سَقَطَ عَنْهُ التَّرْتِيبُ حِينَئِذٍ، وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ، وَيَقْضِي الْفَائِتَةَ حَسْبُ... هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِيهَا، لَكِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرٌ يُصَلِّيهِمَا جَمِيعًا فِيهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ، وَيُقَدِّمُ الْحَاضِرَةَ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ مَعَ سَعَةِ الْوَقْتِ وَضِيقِهِ. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَمَالِكٍ. انتهى، وبين الشيخ ابن عثيمين وجه وجوب تقديم الحاضرة فقال ـ رحمه الله ـ ما عبارته: ودليل الوجوب ما يلي: أولاً: أن الله أمر أن تُصلَّى الحاضرةُ في وقتها، فإذا صَلَّيتَ غيرها أخرجتها عن الوقت ..... ثانياً: أنك إذا قدَّمت الفائتة لم تستفدْ شيئاً، بل تضرَّرت؛ لأنَّك إذا قدمت الفائتة صارت كلتا الصَّلاتين قضاء، وإذا بدأت بالحاضرة صارت الحاضرة أداء والثانية قضاء، وهذا أولى بلا شَكٍّ. انتهى،
وعليه فإن من خشي فوات وقت العصر وكان لم يصل الظهر فإنه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر ويسقط عنه الترتيب في هذه الحال، وأما قراءة الفاتحة للمأموم ففيها مذاهب للعلماء بيناها في الفتوى رقم: 121558، وإذا قلد المكلف من يوثق بقوله من أهل العلم في هذه المسألة أو غيرها فلا حرج عليه، وانظر ما يفعله العامي عند الاختلاف في الفتوى رقم: 169801، ونحن إنما نرجح ما يظهر لنا بحسب الدليل ونبين أن تقليد أي من العلماء في المسائل الاجتهادية التي الخلاف فيها معتبر مثل هذه المسألة سائغ لا حرج فيه.
والله أعلم.