الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب تجاه من لا يراعون حرمة المسجد أن ينصحوا برفق ولين، ويبين لهم أن المسجد أعد للعبادة، وأن له آدابًا ينبغي لرواده التحلى بها، وأن ما يقومون به من رفع الصوت بالمزاح وإطلاق الكلام غير اللائق ينافي تلك الآداب بالكلية، فيجب أن يصان المسجد عنه، قال في كشاف القناع: وأن يصان (أي: المسجد) عن لغط، وخصومة، وكثرة حديث لاغٍ، ورفع صوت بمكروه. اهـ.
وأما من يؤمون في المسجد المذكور ويلحنون: فينبغي أن تصحح لهم الأخطاء التي يقعون فيها، ويبين لهم أن عليهم تعلم القراءة الصحيحة حتى لا تبطل صلاتهم؛ لأن جمهور العلماء على أن اللحن الجلي الذي يغير المعنى في الفاتحة مبطل للصلاة.
وضابط ذلك وما يعفى عنه منه: قد أوضحناه في الفتوى رقم: 113626.
وبمراجعتها تعلم أن كل الأمور المذكورة في السؤال مبطلة للصلاة عند الجمهور؛ لأنها تخل بالمعنى، وأن من أهل العلم من سهل في الحروف المتقاربة المخرج، وقال بصحة صلاة من يخلط بينها كمن ينطق الضاد ظاء، أو التاء طاء، أو الذال زايا، أو العكس؛ لمشقة الاحتراز وعموم البلوى، ولكن الجمهور على البطلان.
وعليه؛ فإذا نصحت هؤلاء الأئمة الذين يلحنون لحنًا يحيل المعنى، وبينت لهم، ولم يفد ذلك، فإن الأولى لك أن تتحول عن ذلك المسجد إلى مسجد آخر تصلي فيه صلاة تطمئن إلى صحتها، فإن لم يمكن ذلك ودار الأمر بين الصلاة في البيت أو الاقتداء بمن يلحن لحنًا مبطلا للصلاة، فإن الصلاة في البيت أولى؛ لأنه لا خلاف في صحتها ـ إلا قولًا يكاد يكون شاذًّا ببطلانها إذا لم يوجد عذر ـ، بينما الصلاة خلف من يلحن في الفاتحة مختلف في صحتها، وتدرك ثواب الجماعة إذا صليت جماعة في بيتك أيضًا؛ إذ إن تحصيل ثواب الجماعة ليس خاصًّا بالمسجد عند جمع من أهل العلم.
وانظر الفتوى رقم: 258460، والفتوى رقم: 260557، والفتوى رقم: 54052.
والله أعلم.