الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمعاملة المذكورة أشبه ما تكون بالمرابحة، وهي لا حرج فيها إذا روعيت فيها الضوابط الشرعية، وفق ما بينا ه في الفتوى: 45858.
ومن ذلك تملك البائع للسلعة تملكًا حقيقياً قبل بيعها للآمر بالشراء، وقبضه لها، ولا سيما لو كانت طعامًا، وما ذكرته يدل على تحقق ذلك.
غير أن قيامك بذلك وكالة عنه محل خلاف بين أهل العلم، والراجح جواز ذلك ما لم يكن حيلة على الربا، والظاهر أنه لا حيلة فيما ذكر لرغبتك في السلعة، وتملكك لها، وكون البائع يتولى ضمانها بعد شرائه لها حتى يتم عقد البيع بينك وبينه عليها، وإن كان الأولى ترك ذلك ليتولى البائع نفسه الشراء والحيازة، أو يوكل غيرك في ذلك.
وأما عدم معرفته للتفاصيل الدقيقة عن البضاعة كمعرفته لمكونات العصير -مثلا- ونسب المواد فيه وهكذا، فلا يشترط لصحة تلك المعاملة.
ويلزم -إذا وصلت البضاعة لك- أن تجري عقد البيع مع صاحبك، لا أن تشتري من نفسك باعتبارك وكيلًا عنه، وهكذا في كل صفقة، تجنباً لصورية المعاملة وقربها من التعامل الربوي، وهذا بعد أن يطلع صاحبك على عقود الشراء من المصدر، ويتأكد من وصول السلعة.
وينبغي أن يدفع صاحبك بنفسه ثمن السلعة للمصدر لا أن يودعه في حسابك، ما أمكن ذلك.
جاء في المعايير الشرعية: (الأصل أن تشتري المؤسسة السلعة بنفسها مباشرة من البائع، ويجوز لها تنفيذ ذلك عن طريق وكيل غير الآمر بالشراء، ولا تلجأ لتوكيل العميل (الآمر بالشراء) إلا عند الحاجة الملحة، ولا يتولى الوكيل البيع لنفسه، بل تبيعه المؤسسة بعد تملكها العين، وحينئذ يراعى ما جاء في البند 3/1/5، [وهو عن وجوب الفصل بين الضمانين، ضمان المؤسسة وضمان العميل].
يجب اتخاذ الإجراءات التي تتأكد المؤسسة فيها من توافر شروط محددة في حالة توكيل العميل بشراء السلعة، ومنها:
(أ) أن تباشر المؤسسة دفع الثمن للبائع بنفسها، وعدم إيداع ثمن السلعة في حساب العميل الوكيل.
(ب) أن تحصل من البائع على وثائق للتأكد من حقيقة البيع). انتهى .
وجاء في ملحق المعيار: (مستند أولويّة أن يكون الوكيل عند حاجة المؤسسة للتوكيل شخصاً غير الآمر بالشراء: هو الابتعاد عن الصورية والالتباس بأن التملّك هو لصالح الآمر بالشراء، ولكي يظهر دور المؤسسة في العملية، وللفصل بين الضمانين: ضمان المؤسسة، وضمان الآمر بالشراء بعد البيع.
- مستند مطالبة المؤسسة بدفع الثمن مباشرة للمصدر: هو اجتناب الشبهة في تحوّل المعاملة إلى مجرد تمويل بفائدة).
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية ما يلي:
(ثانياً: إن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها، مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك.
ثالثاً: إن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل). انتهى.
والله أعلم.