الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك وجميع المسلمين من داء الوسوسة، إنه سميع مجيب
وههنا مسائل:
الأولى: يظهر أنك مصابة بشيء من الوساوس؛ فننصحك بطرحها جانبا، والإعراض عنها بالكلية، فلا علاج لها أنجع من ذلك وانظري الفتوى رقم: 51601.
الثانية: سؤالك اشتمل على أمرين:
1- أن ريقك لا يتغير ببقايا الدم العالقة بين أسنانك.
2- أنك تبالغين في الاحتراز من الدم وتجتهدين في إزالته بالمضمضة وما شابه.
فإذا كان الأمر هكذا، فإنه لا يضرك بلع الريق في الصلاة، إذ الريق هنا إما طاهر حيث لم يخالطه الدم كما تقولين، أو أنه خالطه بعد تعذر تطهيره، وحصول المشقة في ذلك بسبب الإلتهاب الذى باللثة، وحينئذ يعفي عنه رفعا للحرج، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}، ومعلوم أن من القواعد الكلية الكبرى التى أسس عليها الفقه الإسلامي قاعدة المشقة تجلب التيسير.
قال في المراقي:
قد أسس الفقه على رفع الضرر * وأن ما يشق يجلب الوطر .. الخ . اهـ
ونذكر هنا ـ استطرادا وتوسعة على السائلة ـ أن بعض العلماء ذكر أن غسل الفم بعد الدم لأجل الصلاة مستحب فقط، وتصح الصلاة بدونه، جاء في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: ويستحب غسله للصلاة والأكل وإن لم يفعل فلا شيء عليه قاله ابن قداح، وهو يجري على التطهير بالمائع غير الماء، والمشهور عدم الإجزاء به في الصلاة ولا يضر بالنسبة إلى الأكل لأن عين النجاسة زالت. اهـ
فهذا القول رغم أنه مرجوح لكن للموسوس العمل به حتى يزول عنه الوسواس كما تقدم في الفتوى رقم: 181305.
الثالثة: قياس الريق على الماء غير صحيح؛ لأن "اشتراط التغير" ـ عند من قال به، وهم المالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية ـ خاص بالماء المطلق، ولا يشمل بقية المائعات، بل إن الماء نفسه إذا أضيف إلى شيء كاللبن مثلا وحلت فيه النجاسة بعد إضافته يصير نجسا ولو لم تغيره، بخلاف ما لو حلت فيه قبل إضافته، ثم أضيف إلى طاهر كاللبن أو غيره فلا ينجس عندهم، ولهذا يلغز فقهاء المالكية فيقولون:
قل للفقيه إمام العصر قد مزجت ثلاثة بإناء واحد نسبـــــــــوا
لها الطهارة حيث البعض قدّم أو إن قدم البعض فالتنجيس ما السبب . اهـ
وقد علمت ـ بما تقدم ـ أنك في غنى عن هذا القياس.
وانظري ـ للفائدة ـ الفتوى رقم: 201430، والفتوى رقم: 258715.
والله أعلم.