الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز بحال تأخير صلاة العصر إلى وقت المغرب، وقد قال النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ. رواه البخاري. ولا يجوز تأخير صلاة الظهر كذلك، والواجب عليك -أخي السائل- أن تصلي الصلاة لوقتها، وإذا كانت القوانين في تلك البلاد تمنع أداء الصلاة في مكان العمل فاخرج إلى مكان عام -كحديقة الجامعة- وصلّ؛ فالأرض كلها مسجد وطهور، وبكل حال لا نجد لك رخصة فيما تفعله من تأخير صلاتي الظهر والعصر، وإذا كنت تُمْنَعُ من الصلاة حتى في الأمكان العامة فإنه يجب عليك الخروج من تلك البلاد؛ إذ لا يجوز للمسلم أن يقيم في بلاد يمنع فيها من إقامة شعائر دينه، وتجب عليه الهجرة حينئذ؛ قال ابن قدامة في المغني:
فَالنَّاسُ فِي الْهِجْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا: مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَلَا تُمْكِنُهُ إقَامَةُ وَاجِبَاتِ دِينِهِ مَعَ الْمُقَامِ بَيْنَ الْكُفَّارِ، فَهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]. وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِوَاجِبِ دِينِهِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْهِجْرَةُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاجِبِ وَتَتِمَّتِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. اهـ.
والله تعالى أعلم.