الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي العلم -أولًا- أن وجود الشخص خارج البيت ليس عذرًا لتفويت الصلاة، وإذا حان الوقت فينبغي للمرء أن يبادر إلى أداء الصلاة، وخصوصًا إذا كان ممن يحتاج وقتًا طويلًا في قضاء الحاجة.
وإن لم تبادر قضاء حاجتك حتى ضاق الوقت، فإنه يجب عليك انتظار انقطاع الحدث ولو خرج الوقت، ثم تتوضأ وتصلي؛ لأن المحافظة على الطهارة أولى من المحافظة على الوقت عند الجمهور. وراجع فتوانا رقم: 42995 بعنوان: المحافظة على الطهارة أولى من المحافظة على الوقت.
وإن كان قضاء حاجتك أو استمرار نزول الودي عليك يستغرق الوقت كله حتى لا يبقى لك ما يكفي لفعل الصلاة، فإنك -والحالة هذه- تأخذ حكم صاحب السلس.
وأما عن جواز جمعك بين مشتركتَي الوقت: فإن الأصل أن الصلاة تؤدى في وقتها المحدد لها في الشرع، ولا تؤخر أو تقدم عنه إلا لعذر مبيح لذلك، وقد أجاز الحنابلة الجمع لصاحب السلس، كما تقدم في الفتوى رقم: 170997 بعنوان: حكم وكيفية الجمع لمن به سلس البول.
ومن العلماء من أجاز الجمع في الحضر للحاجة مطلقًا استنادًا لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، في حديث وكيع قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. رواه مسلم. فأخذوا من هذا الحديث جواز الجمع في الحضر لمن لديه شغل أو حاجة على أن لا يتخذه عادة. لكن الجمهور أولوا الحديث بتأويلات، منها: حمله على الجمع الصوري. وانظر الفتويين: 57831، 6846.
والحاصل: أن الأصل هو أن تصليَ كل صلاة في وقتها وتحافظ على ذلك، فهو رأس مالك، وتأخذ بالعزم في أمور دينك عمومًا، وفي هذه المسألة العظيمة خصوصًا، إبراءً لذمتك، وعملًا بمذهب الجمهور، وإن حصل لك سلس أو احتجت في بعض الأحيان إلى الجمع فلا حرج عليك في أن تجمع عملًا بظاهر حديث ابن عباس السابق، وتقليدًا لمن قال بذلك من أهل العلم على أن لا تتخذ ذلك عادة كما قلنا.
وإذا أردت أن تجمع فلا حرج في تقديمه أو تأخيره؛ فافعل الأرفق بك من ذلك، وانظر لبيان كيفية الجمع تقديمًا وتأخيرًا ومحل النية فيهما فتوانا رقم: 60475.
وعلى القول بجواز جمع مشتركتَي الوقت: فإن ذلك ينطبق على صلاتَي المغرب والعشاء كما في صلاتَي الظهر والعصر. وانظر للفائدة الفتوى رقم: 249601 عن طهارة صاحب السلس وضابطه وحكم الجمع له.
والله أعلم.