الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالسنة غير المؤكدة كركعتي الوضوء وسنة المغرب القبلية لا تقصران بل تصليان ركعتين؛ لأن الشرع جاء بأن هذه السنن تصلى ركعتين لا بركعة واحدة، والصلاة التي تقصر إلى ركعتين هي الصلوات الرباعية المفروضة، ثم إن التنفل أصلا بركعة واحدة ممنوع عند كثير من الفقهاء؛ لأنه لا يُعلم في الشرع صلاة بركعة واحدة غير الوتر، واستدلوا بقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، رواه أحمد وأهل السنن ،
قال ابن قدامة في المغني بعد ذكره لكلام بعض الحنابلة في صحة التطوع بركعة: هذا خلاف قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: [صلاة الليل مثنى مثنى] ولأنه لم يرد الشرع بمثله، والأحكام إنما تتلقى من الشارع إما من نصه أو معنى نصه وليس ههنا شيء من ذلك. اهــ
وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب عن الحديث السابق: اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ التَّطَوُّعِ بِرَكْعَةٍ فَرْدَةٍ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَآخَرِينَ جَوَازُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوِتْرِ وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنْ شَاءَ اسْتَقَلَّ وَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ} صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَحِقَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَكَعْت إلَّا رَكْعَةً وَاحِدَةً قَالَ هُوَ التَّطَوُّعُ فَمَنْ شَاءَ زَادَ وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ... اهــ
وأثر عمر الذي أشار إليه رواه الشافعي ثم البيهقي بإسنادين ضعيفين كما قال النووي في المجموع .
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ: صحح بعض العلماء أنه يجوز للإنسان أن يتطوع بركعة لكن مع الكراهة، والذي يظهر لي أنه لا يصح التطوع بركعة، وما ورد عن بعض السلف فهو كغيره من الاجتهادات التي قد تخطئ وقد تصيب، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى) وفي رواية: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) وهذا يدل على أنه لا يتطوع بركعة واحدة. اهــ
وحتى على القول بصحة التنفل بركعة فهذا في التنفل المطلق وليس في السنن التي جاء الشرع بعدد معين فيها ولم يأت بقصرها.
والله تعالى أعلم.