الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحديث بهذا اللفظ قد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، وقد صححه ابن حبان، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم .اهـ. وأقره الذهبي.
والحديث أصله في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي ذر بلفظ: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله، والجهاد في سبيله» قال: قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: «أنفسها عند أهلها، وأكثرها ثمنا» قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تعين صانعا، أو تصنع لأخرق» قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: «تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك»
وقوله: ( يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلا ) هو سؤال من أبي ذر للنبي صلى الله عليه وسلم، كما في لفظ ابن أبي شيبة في المصنف: قال: قلت: يا نبي الله، أو مع الإيمان عمل؟
والمراد به -كما هو ظاهر- أن هناك أمورا تنجي العبد من عذاب النار مع الإيمان بالله، وهي الصدقة إلى آخره. ومعنى يرضخ: أي يتصدق بالقليل.
قال الجوهري في الصحاح: ورضخت له رضخا، وهو العَطاء ليس بالكثير. اهـ.
وقال ابن فارس في مقاييس اللغة: الراء، والضاد، والخاء كلمة تدل على كسر. ويكون يسيرا، ثم يشتق منه. فالرضخ: الكسر; وهو الأصل، ثم يقال رضخ له، إذا أعطاه شيئا ليس بالكثير، كأنه كسر له من ماله كسرة. اهـ.
وقوله: عييا: أي لا يحسن البيان.
قال الجوهري: العِيُّ: خِلاف البيان.اهـ.
ومعنى الأخرق.
قال القرطبي: وهو الذي لا يُحْسِنُ العَمَلَ؛ يقال: رجلٌ أخرَقُ، وامرأةٌ خَرْقاء، وهو ضدِّ الحاذق بالعمل. اهـ من المفهم.
والله أعلم.