معنى حديث: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟

29-12-2014 | إسلام ويب

السؤال:
هذا سائل يقول: عَنْ مَالِكِ بن مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: الإِيمَانُ بِاللَّهِ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلا. قَالَ: يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا لا يَجِدُ مَا يُرْضَخُ بِهِ؟ قَالَ: يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَيِيًّا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: يَصْنَعُ لأَخْرَقَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَخْرَقَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ شَيْئًا؟ قَالَ: يُعِينُ مَغْلُوبًا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا؟ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ فِي صَاحِبِكَ مِنْ خَيْرٍ، تُمْسِكُ الأَذَى عَنِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَفْعَلُ خَصْلَةً مِنْ هَؤُلاءِ، إِلا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
عند قوله: إن مع الإيمان عملا، هل يعني أن الذي لا يقدر على العمل مع الإيمان يقوم بالتصدق، أو يأمر بالمعروف إلى آخره؟
نرجو شرحا للحديث بارك الله فيك.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحديث بهذا اللفظ قد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، وقد صححه ابن حبان، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم .اهـ. وأقره الذهبي.

والحديث أصله في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي ذر بلفظ: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله، والجهاد في سبيله» قال: قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: «أنفسها عند أهلها، وأكثرها ثمنا» قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تعين صانعا، أو تصنع لأخرق» قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: «تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة منك على نفسك»
وقوله: ( يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلا ) هو سؤال من أبي ذر للنبي صلى الله عليه وسلم، كما في لفظ ابن أبي شيبة في المصنف: قال: قلت: يا نبي الله، أو مع الإيمان عمل؟

والمراد به -كما هو ظاهر- أن هناك أمورا تنجي العبد من عذاب النار مع الإيمان بالله، وهي الصدقة إلى آخره. ومعنى يرضخ: أي يتصدق بالقليل.

قال الجوهري في الصحاح: ورضخت له رضخا، وهو العَطاء ليس بالكثير. اهـ.

وقال ابن فارس في مقاييس اللغة: الراء، والضاد، والخاء كلمة تدل على كسر. ويكون يسيرا، ثم يشتق منه. فالرضخ: الكسر; وهو الأصل، ثم يقال رضخ له، إذا أعطاه شيئا ليس بالكثير، كأنه كسر له من ماله كسرة. اهـ.

وقوله: عييا: أي لا يحسن البيان.

قال الجوهري: العِيُّ: خِلاف البيان.اهـ.

ومعنى الأخرق.

قال القرطبي: وهو الذي لا يُحْسِنُ العَمَلَ؛ يقال: رجلٌ أخرَقُ، وامرأةٌ خَرْقاء، وهو ضدِّ الحاذق بالعمل. اهـ من المفهم.

والله أعلم.

www.islamweb.net