الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحكمة إتقان العلم، وإجراء الفعل على وفق ذلك العلم، وهي منحة من الله تعالى يهبها لمن يشاء من عباده، وقد اختلف العلماء في المراد بالحكمة المذكورة في قوله تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ [البقرة: من الآية269]، فقيل: إنها النبوة، وقال ابن عباس: هي المعرفة بالقرآن وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وغريبه ومقدمه ومؤخره.
وقال مالك بن أنس: الحكمة المعرفة بدين الله والفقه فيه والاتباع له. ومنهم من فسرها بخشية الله تعالى.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: قد ذكر الله الحكمة في مواضع كثيرة من كتابه مراداً بها ما فيه إصلاح النفوس من النبوة والهدى والإرشاد. اهـ.
وبالنظر إلى هذه الأقوال وغيرها نجد أن الحكمة في مفهوم الشرع تدور في الأساس على أمور الدين -كخشية الله والعلم بكتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-: من يرد الله به خيراً يفقه في الدين. رواه البخاري ومسلم.
إلا أن العلوم الدنيوية قد تدخل في هذا أيضاً إذا كان فيها فائدة تعود على الأمة بالنفع -كعلم الطب ونحوه- إذا ابتغي به وجه الله -عزَّ وجلَّ-.
أما بالنسبة للحديث الذي أوردته فلم نجده، وإنما أخرج البيهقي بعضاً من ألفاظه ولفظه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فإن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب.
والله أعلم.