الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقبل الدخول في تفسير الآية الكريمة، ننبه السائل إلى أن الإسلام بمعناه العام، هو دين جميع الأنبياء منذ آدم إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فكلهم جاءوا بالدعوة إلى التوحيد، والاستسلام، والانقياد لله سبحانه، والتحذير من الشرك، وعبادة الأوثان .. الخ.
وإن اختلفوا في بعض التشريعات التفصيلية، والجزئيات الفرعية، لما يقتضيه عصر كل واحد من أحكام، وتشريعات تخصه، وانظر الفتوى رقم: 97132، والفتوى رقم: 69531
وفي هذا الصدد أخبرنا عز وجل عن كثير من الأنبياء بأنهم من المسلمين، وأنهم دعوا الله بأن يكونوا كذلك؛ قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {آل عمران:67}، وقال حكاية عن نوح: فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ {يونس:72}، وقال حكاية عن إبراهيم وإسماعيل: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {البقرة:128}، وقال حكاية عن بني يعقوب: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة:133}.
فتبين من هذا أن للأنبياء دينا واحدا هو الإسلام، وشرائع مختلفة.
وأما بشأن تفسير الآية: فإن تفسيرها، وبيان معانيها مبثوث في كتب التفسير المختلفة، ولكننا نقتصر على ما جاء في تفسير السعدي؛ لاختصاره، ووضوح عبارته.
فقد قال في تفسير هذه الآية: أي من يدين لله بغير دين الإسلام، الذي ارتضاه الله لعباده، فعمله مردود غير مقبول، لأن دين الإسلام هو المتضمن للاستسلام لله، إخلاصا، وانقيادا لرسله. فما لم يأت به العبد، لم يأت بسبب النجاة من عذاب الله، والفوز بثوابه، وكل دين سواه فباطل. اهـ.
والله أعلم.