الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود حب شخص لأجل جماله، بمعنى: الارتياح معه دون تعلق به، ولا شهوة، فهذه محبة لا تدوم، وإنما هي صداقة في الدنيا؛ فالمحبة التي تبقى وتنفع في الآخرة هي المحبة في الله؛ قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67}. قال ابن كثير -رحمه الله-:أي: كل صداقة وصحابة لغير الله: فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة، إلا ما كان لله عز وجل، فإنه دائم بدوامه.
وسئل الشيخ/ العثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب:
المتحابون في الدنيا هل يلتقون في الآخرة مثل الدنيا؟
فأجاب -رحمه الله تعالى-: إذا كانوا من أهل الجنة ومن المتقين فإنهم يتلاقون في الآخرة ولا تزول المودة بينهم؛ لقول الله تعالى: (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ). أما إذا كانوا من الأشقياء -والعياذ بالله- فإن الأخلاء في الدنيا يكونون في الآخرة أعداء كما تدل عليه هذه الآية: (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ). وإني بهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين أن ينتقوا أخلاءهم وأصحابهم وأصدقاءهم، وألا يصطحبوا إلا من هو معروف بالخير والبعد عن الشر، معروف بالصلاح والاستقامة والبعد عن المزالق؛ فإن المرء على دين خليله، وإن الإنسان إذا صحب شخصًا مستقيمًا في دينه وخلقه اكتسب منه دينًا وخلقًا، وإذا صحب شخصًا على خلاف ذلك اكتسب منه ما كان عليه، وقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلًا للجليس الصالح وجليس السوء فقال: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك؛ إما أن يبيعك، وإما أن يحذيك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير؛ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة). وكثير من الناس يعبدون الله على حرف؛ أي: أنهم ليسوا مستقيمين كما ينبغي؛ فإذا وفقوا بأصحاب ذوي خلق ودين هداهم الله واستقاموا، وكم من أناس على جانب من الخير والعمل الصالح فإذا خُذلوا وصاحبوا أحدًا غير مستقيم فإنهم يكتسبون منه عدم الاستقامة، ويحصل لهم من الانحراف شيء كثير؟! انتهى.
فإذا بلغ الأمر إلى النظر بشهوة فهو محرم عظيم، كما بينا بالفتويين: 26446، 219433.
وحب الشهوة طريق مهلكة، يؤدي إلى فساد عظيم، وانظر في ذلك الفتويين: 118907، 56002.
والله أعلم.