الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان شعر الحاجب خارجا عن المعتاد، خروجاً ملفتا، ومشيناً، فإنه يجوز الأخذ منه بالقدر الذي يزول به التشوه، ولا يتعدى ذلك إلى طلب الحسن وزيادة الجمال، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20494، 159131، 190483، 124793.
والذي يعنينا هنا ليس هو النظر في هذه المسألة، وإنما ما فهمناه من كلام السائلة، واحتمالها لوضع نفسها بين خيارين، أحلاهما مر، وهما: الانحراف، أو الانتحار !!!
ونحن نعيذك بالله من شر نفسك، ومن شر الشيطان وشركه، فليس في الدنيا ما يساوي تعريض العبد نفسه لمقت الله، وسخطه وعقابه، فما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدنا أصبعه في البحر فلينظر بماذا يرجع؟! وأما الآخرة فهي دار القرار، وهي خير وأبقى، قال تعالى: وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ [القصص: 60] وقال: وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ [الرعد: 26] وقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر: 5].
فما هي إلا مدة وجيزة في هذه الحياة الدنيا، ثم يكون المصير إما إلى جنة، وإما إلى نار، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185] وقال سبحانه: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد: 20].
فاتق الله في نفسك، ووطنيها على طاعة الله تعالى، والاستقامة على شرعه، ولا تلتفتي لما فاتك من الدنيا، واشغلي نفسك بأمر الآخرة، يغنك الله من فضله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وأما أمر الانتحار فراجعي فيه الفتويين: 10397، 132677.
والله أعلم.