الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم -أولًا- أن اللغة العربية شعار من شعائر الإسلام، فهي لغة كتاب الله، ولغة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في اقتضاء الصراط المستقيم: اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون؛ ولهذا كان كثير من الفقهاء -أو أكثرهم- يكرهون في الأدعية التي في الصلاة والذكر أن يدعى الله، أو يذكر بغير العربية ... فإن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عيسى بن يونس، عن ثور، عن عمر بن زيد قال: كتب عمر إلى أبي موسى -رضي الله عنه-: أما بعد: (فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن؛ فإنه عربي). وفي حديث آخر عن عمر -رضي الله- عنه أنه قال: (تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض؛ فإنها من دينكم). انتهى.
وعليه؛ فإن السابَّ للغة العربية إذا كان عن استهزاء بها لكونها لغة القرآن، أو شعارًا من شعائر الإسلام، فإن ذلك يكون ردة -والعياذ بالله-؛ وقد ذكر الشيخ محمد بن سعيد بن سالم القحطاني في بحث له بعنوان: (الاستهزاء بالدين وأهله) صنوف المستهزئين بثوابتنا وقيمنا الشرعية، وأن منهم من: يهزأ باللغة العربية، ويصفها بالجمود، والتحجر، ثم يدعو للعامية أو اللاتينية بديلًا عن لغة القرآن. انتهى.
وأما إن سبّها لأنها صعبة -مثلًا-، أو لأن مدرس مادة اللغة العربية لا يجيد تدريسها، أو لأنه شديد مع طلبته، فأدى بهذا الطالب إلى سبّها؛ فهذا لا يعد من الاستهزاء بها، ولكن ينبغي أن ينصح بتجنب ذلك؛ لأن الاستمرار فيه قد يؤدي به إلى عاقبة غير محمودة، وراجعي الفتوى رقم: 137271.
والله أعلم.