الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كفارة اليمين الغموس ـ اليمين الكاذب ـ هي المبادرة بالتوبة النصوح إلى الله تعالى منها، ويكون ذلك بالإقلاع عنها، والندم عليها، وعقد العزم الجازم على عدم العودة إليها فيما بقي من العمر، وليس لها كفارة، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وهو الذي نفتي به، وذهب بعض أهل العلم إلى أن فيها مع التوبة كفارة يمين، وهي مبينة في قول الله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.
فعلى هذا القول يلزمك الاجتهاد، والتحري في عدد الأيمان التي حلفت، فتخرجين كفارات بعددها، وانظري الفتوى رقم: 279067.
مع التنبيه إلى أن كفارة اليمين على الترتيب الذي تقدم في الآية، ولا يجزئ فيها الصوم إلا بعد العجز عما قبله.
وأما الحديث الذي تشيرين إليه: فلعلك تقصدين ما رواه ابن حبان، وصححه الألباني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ـ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ـ وَلَا يُزَكِّيهم، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ هُمْ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ فَأَعَادَهَا، فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ؟! فَقَالَ: المُسْبِلُ، والمَنَّانُ، والمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ كَاذِبًا.
وقد وردت أحاديث أخرى صحيحة في شأن الغموس، وأنه من كبائر الذنوب، وسبب لغضب علام الغيوب، كما جاء في الصحيحين، وغيرهما، وهذا كله يؤكد ضرورة تجنب هذه اليمين، والتوبة مما كان منها، فإن التوبة تَجُب ما قبلها، قال عليه الصلاة والسلام: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الشيخ الألباني، وغيره.
وأما وعدك لصديقتك: فهو من جنس الوعد الذي يستحب الوفاء به، ولا يترتب على نقضه شيء، ولو حصل نقضه اختيارًا، على أن ما يظهر من كلامك ليس فيه نقض لذلك الوعد.
والله أعلم.