الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعامي فرضه سؤال أهل العلم امتثالًا لقول الرب تبارك وتعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، قال القرطبي -رحمه الله-: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه، وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النحل: 43}، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
فإن كنت عاميًا فليس بإمكانك الترجيح بين الأقوال، فيكفيك ويسعك العمل بما أفتيت به، وليس عليك البحث فيما زاد على ذلك، فتوقع نفسك في الحرج، وعملك بما أفتاك به الثقات ليس فيه وقوع في الشبهات.
وقد سبق بيان ما يفيده حديث: ثلاث جدهن جد... الحديث، وذلك في الفتوى رقم: 22349، وهو يتعلق بمن أنشأ الطلاق.
وأما من أقر بالطلاق فهو من باب الإخبار، والإخبار يحتمل الصدق، ويحتمل الكذب؛ ولهذا رجحنا وقوع طلاقه ظاهرًا لا باطنًا، أي أنها زوجة له بينه وبين ربه.
ونوصيك بعدم تكرار السؤال عن هذه النازلة؛ لأن هذا يؤدي إلى الحيرة، والاضطراب، والوقوع في الوساوس، التي قد تنكد حياتك، ولا تحمد عقباها في الغالب الأعم.
والله أعلم.