الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالدعاء المذكور دعاء صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حث ورغب في الدعاء به.
فعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعاه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له. رواه الترمذي، واللفظ له، والنسائي، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، كما صححه الشيخ الألباني أيضًا.
وهو يشتمل على معان عظيمة؛ منها توحيد الله، وتنزيهه، والثناء عليه، إضافة إلى تضمنه معنى الاستغفار.
وقد قدمنا في الفتوى رقم: 235567 جواز اتخاذه وردًا بالضوابط المشار إليها هناك، وانظر أيضًا الفتوى رقم: 183265.
وعليه، فلا حرج في حث الناس عليه، وأمرهم به؛ بشرط أن لا يتضمن ذلك مخالفات تجعل منه بدعة، كتحديده بعدد من المرات، أو نحو ذلك، فما لم يرد فيه تحديد عن النبي صلى الله عليه وسلم، يتعين فيه ترك التحديد، وانظر - للفائدة حول ضابط البدعة - الفتوى رقم: 631.
وأما قولك: فهل يقال هذا الذكر في كل وقت وحين؟ وهل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردده دائمًا؟ أم إن هذا الذكر لا يقال إلا إذا ورد سببه كحال الكرب، وفي حال الدعاء عموًما؟
فجوابه - كما تقدم - أنه لا حرج في قوله في أي وقت؛ لعموم الأمر بالذكر في جميع الأوقات؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا {الأحزاب:41ـ42}، وقال تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ {الأحزاب: 35}، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله. رواه ابن حبان، وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
وقد قدمنا في الفتويين المحال عليهما أولًا، جوازَ تكراره واتخاذه وردًا؛ لأنه ذكر مثل كل الأذكار، وورود الترغيب في الدعاء به لا ينافي كونه من جنس الذكر.
ولا نعلم هل كان صلى الله عليه وسلم يكرره دائمًا أم لا، لكن ترغيبه فيه كاف في هذا الباب.
والله أعلم.