الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في فتاوى موقع: (الإسلام سؤال وجواب) والذي يشرف عليه الشيخ محمد المنجد -حفظه الله- فتوى مضمونها ما ذكرته في سؤال، حيث جاء فيها: وضع صور النساء في المنتديات، عمل قبيح؛ لما فيه من استعمال التصوير المحرم، ولما فيه من إثارة الفتن، وتهييج الشهوات، والواجب على القائمين على الموقع أن يمنعوا ذلك؛ لأن إنكار المنكر وإزالته، واجب على من قدر عليه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ. رواه مسلم (49).
وتعذر البعض بقولهم: "لم نجبر أحدًا على إضافة صور النساء في المواضيع، والتواقيع، والصور الشخصية" لا يفيدهم؛ لأنهم مأمورون بإنكار المنكر -كما سبق-.
وإذا وضع المشارك صورة محرمة، أثم بذلك، وأثم من سكت عن إزالة المنكر، من مشرفٍ، أو مسؤول، وقد حلت اللعنة ببني إسرائيل لقعودهم، وسكوتهم عن إنكار المنكر بينهم، كما قال تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ. المائدة/78، 79، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عاقبة السكوت على المنكر هي الهلاك العام، والعقوبة العامة، كما روى البخاري (2493) عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ، وَالْوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا، جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا.
فوصيتنا لأصحاب المواقع، والمنتديات، والمشرفين عليها: أن يتقوا الله تعالى، وأن يضعوا الضوابط التي تمنع الأعضاء من نشر المنكرات، أو الترويج لها، وأن يزيلوا كل منكر ينشر في مواقعهم؛ لأنهم مسؤولون عن ذلك، وألا تحملهم الرغبة في تكثير المشاركين على تجاوز حدود الله، والمشاركة في الإثم بإقراره والسكوت عليه. انتهى.
فما جاء في هذه الفتوى من حكم، فهو صحيح.
وبخصوص جواب سؤالك: فلا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ في البقاء في هذه الغرف من هذا البرنامج، ما دام عملك فيها نشر للخير، وليس فيه إعانة على منكر، ولا إقرار له، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 113475، ولكن ننبهك إلى أنه يجب عليك أمران:
الأول: النصح للقائمين على هذه الغرف من هذا البرنامج، ببيان الضوابط التي يجب عليهم أن يلتزموا بها، كما سبق بيانها في الفتوى رقم: 65753، وأنه يجب عليهم حذف كل ما يغضب الله تعالى من منتداهم من صور محرمة، ومقاطع موسيقى، وغيرها، وإلا فإنهم يتحملون من أوزار هذه المحاذير بقدر وزر من يراها، أو يسمعها، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا.
الأمر الثاني: النصح لرواد هذه الغرف، وببيان حرمة الأشياء المحرمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
والله أعلم.