الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالتحدث بنعم الله تعالى أمر مطلوب شرعا، كما في قوله تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ {الضحى: 11}.
وروى أحمد في المسند، والبيهقي في الشعب بسند حسنه الألباني، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ، وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ، التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ، وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ. اهـ.
ولكن من خشي الحسد إن هو تحدث بنعمة الله تعالى جاز له كتمانها وعدم التحدث بها، كما يدل عليه قوله عز وجل عن يعقوب أنه قال لابنه يوسف عليهما السلام: قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ {يوسف: 5}.
قال الجصاص في أحكام القرآن: عَلِمَ أَنَّهُ إنْ قَصَّهَا عَلَيْهِمْ حَسَدُوهُ وَطَلَبُوا كَيْدَهُ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ تَرْكِ إظْهَارِ النِّعْمَةِ وَكِتْمَانِهِ عِنْدَ مَنْ يُخْشَى حَسَدُهُ وَكَيْدُهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ أَمَرَ بِإِظْهَارِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّك فَحَدِّثْ. اهـ.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 118908، عن أحوال وحكم التحدث بالنعم.
والله أعلم.